السعودة أو تشغيل الشباب في الشركات والمؤسسات قضية كثر الحديث عنها، لما تنطوي عليه من أبعاد وآثار ليست خافية على الجميع.
ولطالما طالب البعض الدولة بحل هذه المشكلة، وألقى البعض بالكرة في ملعب وزارة العمل، لكني أعتقد أننا إزاء مشكلة أو واقع يتطلب تضافر الجهود.
نقطة البداية في ظني تنطلق من تشخيص المشكلة بشكل كلي في صورتها العامة، وليس التعامل معها بأجزائها المفككة. ثم أن تكون لدينا جميعا الشجاعة للاعتراف بالحالة لنكون مستعدين للتعامل معها.
صحيح أن الدولة على مر السنوات الماضية اتخذت -ومازالت- عددا من الإجراءات والأنظمة، بهدف تشغيل أو توظيف أبنائنا، مثل تشجيع التدريب المهني والفني وإنشاء صندوق تنمية الموارد البشرية هدف والبرنامج الوطني للتدريب المشترك، ومعادلات نسب السعودة وغيرها من إجراءات ومعالجات ومساهمات.
لكن في اعتقادي، أن ذلك وحده ليس كافيا لتحقيق النتائج المرجوة، فالمشكلة كانت نتاجا لحقبة زمنية كاملة تخللتها كثير من العوامل والظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أفرزت مفاهيم وقيما معينة تغلغلت في مفاصل شرائح كبيرة، وبالتالي فان الحلول والمعالجة يجب ألا تكون من طرف واحد، ويجب أن تراعي تغير تلك العوامل والظروف، وتستفيد من متغيرات الزمن والثقافة الاجتماعية.
الأسرة عليها دور في تربية أبنائها على احترام قيم العمل وتحمل المسؤولية، والتعليم بشتى مستوياته عليه دور ومسؤوليه في اختيار المناهج وأساليب التعلم التي تكرس احترام العمل، وتعد الشباب إلى مرحلة حاسمة من حياتهم، وتزودهم بالمهارات وتدربهم على تقبل الآخر، والقدرة على المشاركة ضمن فريق العمل، والاستفادة من التجارب وبناء الشخصية التي تؤمن بالعمل الجماعي والتنافس الشريف، والموازنة بين المصالح الخاصة والعامة.
والقطاع الخاص عليه دور ومسؤولية في استيعاب وتدريب الشباب والفتيات وإتاحة فرص عمل حقيقية لهم والأخذ بأيديهم، وتغيير قناعاتهم المسبقة بأن السعودي ليس كفؤا للعمل، وأن الوافد مورد بشري لا يمكن تعويضه، لأن هذه القناعات غير حقيقة وإلا لماذا استطاعت الشركات الوطنية الكبرى أن تحقق نجاحاتها بسواعد أبناء الوطن.
إنها قناعات غرسها الوافد، واجتهد في تضخيمها ورعايتها، لئلا يفقد لقمة عيشه وتقربه من صاحب العمل، وما يتمتع به من امتيازات مؤكد أنه لن يجدها في مكان آخر.
لعل الهيئة التي أنشأها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة تعمل على تحقيق هذه الرؤية والأهداف.