بعد أن رُفعت العقوبات المفروضة على إيران، حانت لحظة التغيير التي وصفها الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنها فرصة فريدة من نوعها، ونافذة للسعي إلى حل قضايا هامة. وقال عنها الدبلوماسي الأميركي السابق نيكولاس بيرنز إنها لحظة وصلنا فيها إلى نقطة تحوّل محتمل في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
إنني أرى أنهما على حق، ولكن ينبغي توخي الحذر من الاعتقاد بأن إيران قد تغيَّرت، فإنها لم ولن تتغيَّر. وبالطبع أن الرئيس الإيراني حسن روحاني ليس مثل  الرئيس ميخائيل جورباتشوف، الذي أحدث التغيير في الاتحاد السوفيتي، وبالتالي أن هذه الفترة ليست فترة بريسترويكا، بل على العكس في إيران، حيث ازدادت معدلات القمع منذ تولي روحاني الذي وصف بـالمعتدل الرئاسة، وقد ارتفعت حالات الإعدام، حيث كانت إيران ثاني أعلى دولة تُنفذ إعدامات عام 2014 بعد الصين.
وقد ازداد أيضاً القمع السياسي والتمييز الديني في إيران، كما ازدادت الضغوط على المثقفين حتى بعد رفع العقوبات. ومن جانبها، لاحظت الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران أن العديد من السجناء السياسيين، بما في ذلك بعض الأجانب، ما زالوا وراء قضبان السجون الإيرانية.
 لو كانت هناك إمكانية لعزل هذه الحقائق كي نصف إيران بأن لها سجل سيئ في حقوق الإنسان وأن سياستها الخارجية تشهد تحسناً فسيكون هناك معنى لتجاهل هذه الحقائق، لكن وكما علمتنا التجربة الغالية في روسيا وغيرها، فإن الأنظمة التي تحتاج إلى العنف لإخضاع مواطنيها لن تكون شريكة دبلوماسية موثوقا بها.
إن أي زمرة حاكمة تخشى ثورة شعبية ضدها، ستقوم بتفصيل سياستها الخارجية من أجل الحفاظ على حُكمها، ففي الوقت الراهن يعتقد روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف أن رفع العقوبات سيساعد في تحسين الاقتصاد الإيراني وينشئ تأييداً شعبياً، لكن إذا لم يحدث ذلك، فإنهما أو من يخلفونهما سيوجِّهون فوراً الغضب الشعبي مرة أخرى ضد الشيطان الأكبر.
ينطبق هذا التحذير نفسه على رجال الأعمال الغربيين الذين يصطفون على الحدود لدخول إيران. ومما لا شك فيه أن هناك بعض الإيرانيين على استعداد للتعامل معهم، إذا كانت المنفعة متبادلة. وعلى الرغم من أن بعض المستثمرين قد يجني ما يبتغيه من ثروة، إلا أن الأغلبية قد يكون من الصعب عليها تحقيق ذلك في بلد محاكمها مسيَّسة يتم اختيار قضاتها بطريقة تعسفية ودون شفافية. فلذا لن تكون هناك فائدة محسوسة للمستثمرين الأجانب في إيران. وفي الظروف الراهنة، سيكون المستفيد الأكبر هو النخبة الحاكمة، وستكون النتيجة مزيداً من القمع وكثيراً من الفساد، وبطبيعة الحال مزيداً من المال لتصدير فكر الثورة الإيرانية إلى سورية ولبنان والعراق.
وختاماً، يمكن القول إن التغيير قد أتى إلى منطقة الشرق الأوسط، لكنه لم يأت إلى إيران. وإلى حين أن يأتي إليها ستظل إيران مصدراً لعدم الاستقرار والعنف في جميع أنحاء المنطقة.