فيما يواصل المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، تقدمه على منافسيه في الحزب، للفوز بترشيح الحزب لانتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في سبتمبر المقبل، دعا سياسيون أميركيون أتباع الحزب الجمهوري للوقوف في وجه المرشح المثير للجدل وإسقاطه، على خلفية تصريحاته ومواقفه التي تثير ردود أفعال واسعة في الكثير من القضايا. محذرين من استمراره في اكتساح منافسيه الآخرين.
كما أشارت مصادر إعلامية إلى أن قيادة الحزب الجمهوري تواجه أزمة كبيرة داخلها، فهي لا ترغب في فوز ترامب، ولا في خوضه للانتخابات، بسبب الرفض الكبير الذي يجده داخل وخارج الولايات المتحدة، لا سيما عقب تطاوله على المسلمين والدعوة لمنع دخولهم الولايات المتحدة، للدرجة التي دفعت بعض الدول الأخرى لحظره من دخول أراضيها، لكنها في الوقت نفسه غير قادرة على منعه من الترشح، لعدم وجود نص في اللائحة الداخلية للحزب تخولها القيام بهذه الخطوة، لذلك فهي تأمل أن يتفوق عليه أحد المرشحين الآخرين وينقذها من هذا المأزق.
وكانت شخصيات منتمية للحزب من بينها أعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب قد عقدوا اجتماعات مع ترامب، وعرضوا عليه عدم ترشيح نفسه للانتخابات، مراعاة لمصلحة الحزب وعدم حدوث تصدعات، إلا أنه تمسك برأيه ورفض مناقشة مسألة انسحابه من الماراثون الانتخابي.
التحدي الأخلاقي
المحلل السياسي، دانا ميلبانك، المشهور بتأييده للحزب الجمهوري، قال في مقال نشره على صحيفة واشنطن بوست إن الجمهوريين يواجهون تحديا أخلاقيا بشأن ما إذا كانوا قادرين على التصدي لترامب، الذي وصفه بـالمتعصب والعنصري، الذي يبث الكراهية، ويعادي المسلمين، والنساء، واللاتينيين، ويتحالف مع المنظمات الإرهابية مثل كو كلوكس كلان. مستدلا على حديثه بالعديد من آرائه، ومنها التغريدة الشهيرة التي طالب فيها على الملأ بفصل أحد القضاة الذي ينظر في قضية ضده من الخدمة لأنه لاتيني.
ومضى ميليانك بالقول إن هزيمة ترامب داخل حزبه ومنعه من المضي في السباق الرئاسي لم تعد خيارا سياسيا، بل هي في الأساس خيار أخلاقي. وقال مخاطبا الناخب الأميركي هذا الرجل شرير، أن تؤيد ترامب يعني أنك تؤيد العنصرية وكراهية الآخر. ومن الأفضل للحزب الجمهوري أن يخسر الانتخابات نهائيا من أن يخسر المبادئ الإنسانية، لأن بإمكاننا كسب انتخابات قادمة، لكن من المؤكد أننا لن نستعيد مبادئنا وأخلاقنا إذا سمحنا لترامب بأن يمثلنا في الانتخابات أو أن يقود الولايات المتحدة يوما ما.
صاحب التصريحات العنصرية
قالت الكاتبة بصحيفة واشنطن تايمز، جيسيكا شاسمار إن مؤيدي الحزب الجمهوري مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بوضع حد لمغامرة ترامب، وعدم مكافأته على تصريحاته العنصرية وهجومه على الديمقراطية بمنحه شرف تمثيلهم. وردت على من يقولون إن مجيء ترامب إلى البيت الأبيض عبر الانتخابات تعبير عن امتثاله للديموقراطية، بالقول إن صناديق الاقتراع نفسها يمكن أن تكون وسيلة لوأد الديموقراطية، كما فعل نظيره أدولف هتلر، حسب وصفها، وقالت ترامب أكد بنفسه بما لا يدع مجالا لأي شكوك أنه لن يتقيد بالقيود التي ينص عليها الدستور ويلزم بها السلطة التنفيذية، وسوف يوسع أعمال التعذيب، ويستخدم سلطاته للانتقام من معارضيه، وسيطرد ملايين المهاجرين، ويحط من قدر النساء، والمكسيكيين، والمسلمين، واليهود، وذوي الاحتياجات الخاصة، ويقرب إليه المنظمات الإرهابية البيضاء.
تهديد الزعامة الأميركية
يشير المحلل السياسي مايكل جي بوسكين في مقال على موقع بروجيكت سنديكيت، إلى أن ترامب تسبب في هزة عميقة داخل الحزب الجمهوري، مشيرا إلى أن العديد من أعضاء الحزب ومناصريه يخشون أن ينتهي السباق التمهيدي إلى وضع المرشح المثير للجدل في مواجهة خصمته اللدود، هيلاري كلينتون، مؤكدا أن ذلك يعني توسيع فرص الأخيرة للفوز بنتائج الانتخابات. ويقول برغم أن كلينتون لديها الكثير من نقاط الضعف، إذ لا يثق بها الناخبون، وخاصة الشباب، فضلا عن احتمال تعرضها لعواقب قانونية بسبب تعاملها مع معلومات سرية للغاية باستخدام خادم البريد الإلكتروني الخاص بها عندما كانت وزيرة للخارجية، فإن الاقتتال الداخلي القذر بين الجمهوريين ربما يعطيها ميزة كبيرة في الانتخابات. ويعتقد كثيرون من الجمهوريين أن ترشيح ترامب من شأنه أن يكلفهم مجلس الشيوخ والبيت الأبيض.
وفي ظل هذا القدر العظيم من عدم اليقين، هناك عدد من الاتجاهات التي قد تسلكها السياسة في الولايات المتحدة في السنوات المقبلة. فعلى صعيد التجارة، تشكل أفكار ترامب خطورة كبيرة، وربما تؤدي إلى إحباط عقود من الزعامة الأميركية في مجال تحرير التجارة، مع فرض تعريفات كبيرة على الواردات الأجنبية، كتلك القادمة من الصين والمكسيك.