بين حين وآخر، يتحفنا الإخوة المعلمون ببعض المبادرات تجاه البيئة التعليمية وأركانها. خاصة تلك التي تختص بعلاقتهم بالطالب!
من حيث المبدأ، المبادرات والمسارعة للفعل المحمود، أمور مطلوبة، ويفترض أن نشجعها ونرعاها ونحفز عليها. المشكلة في الحماس الزائد الذي يأخذ زمام المبادرة، ويضعها في مرمى السهام، فتصبح مادة للتندر والسخرية!
كثيرون مرت عليهم صورة عدد من المعلمين -من جماعة صورني كني مدري- بعضهم كان يقوم بممارسة دور المربية مع طفل الحضانة، حيث يقوم بمساعدة أحد الطلاب على الأكل، وكأن الطالب مصاب بشلل رباعي!
وصورة أخرى لمعلم وهو يقوم بمبادرة الطالب بمبخرة عود!
كل هذه اللقطات مثيرة للسخرية والضحك بالطبع، ولأنني عملت في التعليم فترة من الزمن سأتولى الدفاع عن زملائي؛ من باب الوفاء لهذه المهنة الشريفة العظيمة، وأقول إن هذه اللقطات متعمدة وقام بها زملائي من باب السخرية من الفعل نفسه، وبث رسالة لنقد الفعل ذاته.
لدي رسالتان.. الأولى: لزملائي المعلمين، أقول لهم فيها: مثل هذه اللقطات تثير الشبهة وتشكك في نزاهة المعلم، وتصوره بصورة اللاهث خلف شكر الوزارة وتكريمها، فضلا عن أن هذه الممارسة غير نظامية، إذ قد تعرضكم للمساءلة القانونية من أولياء أمور الطلبة، الذين أرسلوا أبناءهم إلى المدرسة بحثا عن التربية والتعليم، لا جسرا تصعدون عليه نحو رضا الوزارة وتكريمها.
النقطة الثانية: أوجهها إلى الوزارة نفسها. لا يفترض الاحتفاء بأي شخص يقوم بواجبه الذي يتقاضى عليه راتبا شهريا، حتى لا تنعكس الأمور سلبا على نفسية العاملين الآخرين الذين لم يجدوا أحدا يلتقط لهم الصور أو ينشر عنهم.
لا أستبعد أن الوزارة حينما كرمت حارس مدرسة قام بواجبه، أدخلت -دون قصد- الإحباط في نفوس كثير من حراس المدارس الذين كانوا يقومون بأعمال لا تقل عن ذلك العمل، وإن اختلفت في الشكل.
الأعمال -يا وزارة التربية- التي تستحق التكريم هي المبادرات النادرة، أو الأعمال البطولية التي تتعلق بإنقاذ الأنفس من الخطر. عدا ذلك، التكريم يتم داخل إطار المدرسة نفسها.