أولا، لا بد من توجيه الشكر إلى سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير الحازم ‏?خالد الفيصل، الذي وجه بإزالة تعدي رجل أعمال على طريق الخدمة بشارع صاري في جدة.
الأمير -وهذا الذي نال إعجاب الكثيرين- تعامل مع المسألة بلغة حازمة سريعة لا تقبل التسويف ولا التأجيل ولا الدراسة، وهذا ما نحتاج إليه في هذا الوقت. كثير من الكوارث والأخطاء قتلها طول الأمد.
الأمر الثاني، لو بادرت أمانة جدة بالاعتراف بحدوث الاعتداء، واعتبرت أن هذا التعدي أمر مرفوض لديها، وأنها ستحقق في الموضوع، وستتخذ الإجراءات النظامية بحق من تثبت إدانته؛ لاستطاعت امتصاص غضب الناس، وقدمت نفسها بشكل صادق مثالي. لكن شيئا من ذلكم لم يحدث! قامت الأمانة بالمراوغة. أخذتها العزة بالإثم وقالت: الرصيف مرفق عام بحسب المخطط وتمت إزالته لتوسعة الطريق وفقا لرأي اللجنة المرورية!
هذا ما يوصف بالأمثال الشعبية بأنه شين وقوي عين. الكل يسخر -لا يسأل- لماذا توسعة الطريق لم تتم إلا الآن؟، ثم لماذا إقحام المرور في القضية؟!
ليس هذا كل ما في الأمر، أطلت أمانة جدة علينا مواصلة المراوغة المكشوفة، مؤكدة استمرار أعمال فتح طريق الخدمة في شارع صاري، مبررة ذلك بقولها: تحقيقا للمصلحة العامة! ولا أدري أين كانت المحروسة المصلحة العامة طيلة السنوات الماضية؟، ولماذا عرفنا طريقها اليوم بالذات؟!
أمانة جدة ارتكبت جريمة في حق المواطن. حينما سمحت لرجل أعمال بالاعتداء على المال العام، وحينما انكشف المستور، ركبت قارب المراوغة، وتنصلت من المسؤولية.
ولو أن الأمانة اعترفت بالخطأ القديم، وقدمت اعتذارها وتعهدت بمحاسبة المسؤولين، أو على الأقل رفعت أسماء المتورطين إلى الجهات العليا، لخرجت بـبياض الوجه كما يقول السعوديون.
أمانة جدة حينما تبرر الاعتداء، فهي تعترف ضمنا بعلمها به.
والمزعج في الأمر أنها تستغفل الناس -وهذا المؤلم- إذ تقول: المواقع المزالة تعتبر مرفقا عاما لأمانة جدة، وليست ملكيات خاصة لأي جهة كانت. وفي هذا والله استغفال وإساءة أكبر. كلنا نعرف أن الطرق والحدائق والميادين العامة تحت مسؤولية وعهدة الأمانات والبلديات، وبالتالي ليس من حق المسؤول تبرير الاعتداء عليها.