ما إن سمعنا بتشكيل التحالف الإسلامي، حتى بدت التساؤلات تدور في أذهاننا حول ماهية هذا التحالف الضخم؟، ثم رحنا نستشرف بأفكارنا ماذا سيحققه ذلك التحالف العظيم، وماذا ينتظر المسلمون منه بشكل عام والأشقاء في سورية الشقيقة بشكل خاص؟.
ها هي ملامح هذا التحالف بدت تتشكل وتظهر للعيان، عندما سمعنا ورأينا المناورات المباركة في شمال مملكة الحزم، والمسماة رعد الشمال، والمكونة من أكثر من مئة وخمسين ألف مقاتل مسلم، من كثير من البلاد الإسلامية المتحالفة، بل وبدأت طلائعه تذهب إلى الميدان، وأعني بذلك القوات السعودية التي وصلت إلى قاعدة إنجرليك التركية. فمخطئ من يظن أن الحزم كان فقط لمحاربة القوى الانقلابية والمجموعات الحوثية الإرهابية وميليشيا المخلوع صالح فحسب، فتحالفا عربيا تشكل لذلك كان من المؤكد أن يتبعه تحالف إسلامي أقوى للذود والدفاع عن الأمة وقضاياها، والانتصار لمظلومها وحقن دمائه، وردع كل معتد آثم يريد النيل منها، سواء كان إرهاب دولة أو إرهابا منظما أو أطماعا لدول وقوى كبرى.
والمتأمل للمشهد بشكل غير متعمق، يرى أن هذا التحالف العظيم الذي تقوده المملكة العربية السعودية بقيادتها الحكيمة الشجاعة، الهدف منه محاربة تنظيم داعش الإرهابي وحده.
والحقَّ أقول، إنني أراه يذهب إلى أبعد من ذلك، ليضع موطئ قدم هناك لجيوش التحالف الإسلامي لهدف أشمل وأكبر، وهو القضاء على إرهاب الدولة، وإزاحة هذا النظام المجرم الذي أذاق السوريين الويلات، ومزق الأمة السورية وحولها إلى مستنقع وبركة من الدماء، وجاء بكل مجرم وإرهابي ليتفنن في قتل السوريين، من أجل أن يبقى على سدة الحكم.
ويبقى هنا سؤال مهم: ما الذي ينبغي علينا فعله كشعوب إزاء ما نراه، لتوحيد صفوف الأمة وجمع قواها وشملها؟ أجيب عن ذلك السؤال بأنه يتعين علينا: أولا: أن نتقرب من الله سبحانه وننصره ليكون لنا نصيرا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ، ثم الالتفاف حول قياداتنا داعين الله لهم بالعون والتوفيق والسداد والنصر والتمكين.
ثانيا: نبذ روح العداء والفرقة والشتات والخلاف فيما بيننا، لأننا في مرحلة حازمة وحاسمة من تاريخنا، فإما أن نتماسك ونتحد لنكون على قلب رجل واحد، وإما أن نتنازع ونفشل ونفترق فتذهب ريحنا قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وقال تعالى أيضا: وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ.
ثالثا: على وسائل إعلامنا، بشتى ومختلف أنواعها، أن تتق الله فيما تبثه وتنشره من مواد إعلامية وصحافية وفنية... إلخ.
فنحن نمر بفترة دقيقة، نحتاج فيها إلى رضا الله سبحانه وتقواه. فعلى هذا الإعلام أن يتحلى بالمسؤولية أكثر من أي وقت مضى، وألا يشغل الكتاب وأصحاب الفكر والرأي والإعلام الساحة الداخلية بصراعات وتجاذبات لا جدوى منها ولا فائدة، ولا تجني المجتمعات منها سوى الفوضى والقلاقل، في الوقت الذي تنشغل الحكومات بمحاربة العدو الخارجي المتربص بأمتنا.
رابعا: إن وجدت بعض الخلافات أو التباينات في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية للأمة، علينا أن نتقارب وألا نتصادم حيالها، وأن نترك المعقد منها بعيدا عن التناول الإعلامي، حتى لا يجد الشيطان والعدو ثغرة بيننا ليمر خلالها، ويفشل هذه الجهود الحازمة المصرة على الانتصار لقضايا الأمة.
أخيرا، أختم بدعائي لله عز وجل، أن يحفظ بلاد المسلمين، وأن يبعد عنها الفتن، وأن يوحد صفوفها، وأن يجعل كلمة قادة بلادنا الإسلامية سواء، وأن ينصرنا على من عادانا، ومن يريد لنا الكيد والشر، إنه سميع مجيب.