واشنطن: عصام عبدالله

قال المحلل السياسي ماكس فيشر إن هناك مجموعة من الحقائق الصعبة في سورية تجعل من السياسة الخارجية الأميركية محورا للحوار الوطني داخل الولايات المتحدة على مدى الشهور القليلة المقبلة. وأوضح فيشر في تقرير نشر قبل أيام على موقع فوكس أن الحرب الأهلية السورية التي بدأت قبل خمس سنوات أصبحت قاسما مشتركا في الانتخابات التمهيدية الرئاسية الأميركية، وتحولت من كونها حربا بالوكالة إلى انضمام روسيا والولايات المتحدة ودول إقليمية وأوروبية، إضافة إلى تفجر مشكلة الإرهاب واتساعها مع أزمة متفاقمة للاجئين تهدد الوحدة الأوروبية، مما يشير إلى أن الكارثة لم تعد تخص السوريين وحدهم، وإنما العالم أجمع.
ورغم أن الخطاب السياسي أثناء المعارك والحملات الانتخابية الأميركية يميل عادة إلى التبسيط وتزييف قضايا السياسة الخارجية المعقدة، فإن فيشر يؤكد أن تجاهل مجموعة من الحقائق الصعبة وحجبها عن الناخب الأميركي لا محل له في عصر العولمة، لا سيما أن هذه الحقائق تعتبر حاسمة لفهم الحرب وطبيعة الصراع في سورية.
وحسب فيشر، فإن أولى هذه الحقائق هي أنه لا يوجد حل سحري قليل التكلفة للأزمة، مبينا أن الحملة الانتخابية لمعظم المرشحين تطلق العنان لتحقيق الوعود بالطرق السهلة، وتلك الوعود المتفائلة تشترك جميعها في غياب واضح للتفاصيل، مع تأكيد على أن الحرب الأميركية لن تكون مكلفة أو طويلة مثلما كان الحال في العراق، بينما في الواقع فإن جميع الخيارات المتاحة مكلفة، ولا يمكن أن يؤدي أي منها إلى النصر التام.

حلول قديمة 
قال فيشر إن من بين هذه الحقائق أن كل المرشحين اقترحوا حلولا لا تخرج عن سياسة أوباما، وإن الوعود والحلول السحرية لمعظم المرشحين لم تسفر عن جديد بالنسبة للوضع الراهن في سورية، سواء بالنسبة للمرشحين الديمقراطيين أو الجمهوريين، والخلافات في أغلبها في الأسلوب، بينما لم يقترح أي منهم شيئا عمليا مغايرا تقوم به الولايات المتحدة حال نجاحه ووصوله إلى البيت الأبيض.
ومن الحقائق التي أوردها فيشر أنه لا يوجد جيش قوي للقوى السنية قادرا على استعادة الأراضي السورية التي يسيطر عليها الأسد، وخليط من الجماعات المتطرفة والميليشيات الطائفية، مبينا أنه بعد سنوات من القتال الطائفي فإن العرب وأبناء الطائفة السنية لن يقبلوا بحكم الأقلية، لذلك سيبادرون إلى إرسال قوات هائلة لتحرير سورية.
وأشار فيشر إلى حقيقة مهمة وهي أن محادثات السلام مجرد هدنة وليست حلا، وقال إن فتح قنوات دبلوماسية بين أطراف الصراع هو بمثابة استراحة قصيرة للمحاربين، لن تؤدي إلى حل نهائي أو مقبول يرضي جميع الأطراف المعنية، لافتا إلى ما ذكره الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مايكل نايتس، أن القوى الإقليمية في الشرق الأوسط تتصارع في أكثر من بلد وليس سورية فقط، مما يضغط بشدة لأجل إيجاد حل شامل للصراعات في المنطقة.

مكاسب مؤقتة
تطرق فيشر في تقريره إلى حقيقة الوضع بسورية، مشيرا إلى أنه لا توجد طريقة واحدة لتغيير الأوضاع، بما في ذلك الحرب التي أدت إلى طريق مسدود، فقد أحرز الإرهاب انتصارات بين عامي 2014 – 2015، كما أن تدخل القوى الخارجية عمَّق المشكلات ولم يحلها، وتعكس هذه التحولات نقطة الضعف الأساسية لكل أطراف الصراع، بما أدى إلى عدم وجود طرف قادر على حسم الصراع لمصلحته، لذلك فإن مكاسب أي طرف تكون مؤقتة وليست دائمة. علاوة على ذلك فإن التدخل الخارجي دعم موقف الأسد على الأرض، وأنعش الإرهاب في نفس الوقت، وكلما كثرت التدخلات الخارجية ازداد تصعيد الأزمة، وفقد أطراف الصراع الإقليميين مزيدا من الأرض.
أما آخر الحقائق التي أوردها فيشر فهي أن أميركا أغلقت النافذة الوحيدة للحل، موضحا أن فرصة الحل حانت في صيف عام 2012 في وقت مبكر من هذه الحرب الضروس، وكانت الظروف أفضل لتدخل الولايات المتحدة عسكريا في سورية وإزاحة الأسد، لكنها لم تفعل.
وأضاف أن تلك النافذة كانت تعني ترجيح كفة المعارضة، لكن سورية اليوم أشبه بليبيا، بل أكثر سوءا منها، من حيث معدل الوفيات والجرحى والمشردين واللاجئين، مشيرا إلى أن التدخل العسكري الأميركي حاليا قد يؤدي إلى كارثة، لذلك سيأتي اللوم يوما ما على إدارة أوباما، بسبب ضياع سورية، رغم أن اللوم ليس حلا الآن ولن يجدي نفعا في المستقبل.