ذات يوم كنت في زيارة إلى أحد المطاعم التي يرتادها هواتها، وتناولت معهم وجبة متنوعة ثم سمحت لنفسي أن أقوم بدور المراقب البيئي والمفتش البلدي وطلبت رخصة المحل، كل هذا لعل أصحاب المطعم يفتحون معي حوارا حول زبائنهم ونوعية الأكل المقدم على الطاولة. وحتى أصل إلى موضوع المقال فقد تفاجأت ومن معي من خلال حديثهم وحواري معهم عن مادة تسمى الماجي الأبيض، وقلت هل تعرفون فوائد هذه المادة المضافة إلى الأكل؟ فأجابني بصوت الواثق نعم تضيف نكهة للشواء وللمائدة أيا كان نوعها، وقد قرأت تحذيرا عن بعض المواد التي تدخل في نكهات الطعام، وأنه لا بد من إجازتها وعرضها على المختصين مهما كانت عبقرية أصحاب المطاعم والطهاة والمتميزين في الأطباق. ومع هذا لم أتأكد من صحة هذه المعلومات، فلست أحد مسؤولي هيئة الغذاء والدواء التي تقوم بإطلاع المستهلك على جدولة المفيد أو الضار من الأطعمة ومن مكونات الغذاء.
وقد سبق لي أن قمت بالتعرف على مجهودات هذه الهيئة التي نشرت مختبراتها على مداخل المملكة وبجوار أجهزة الجمارك على الحدود، خاصة أنها تنشط في مواسم الحج ورمضان وبعض فصول السنة، وقدمت للمجتمع مئات الإرشادات والتحذيرات ورفعت بملاحظاتها للوزارات المختصة للتنبيه من خطورة السماح بمثل هذه الممنوعات التي تسبب الأمراض، خصوصا تلك المواد المسرطنة التي لا يشعر المتذوق بخطورتها إلا بعد فوات الأوان.
وهنا آن الأوان أن تتكاتف هيئة الغذاء وأمانات المدن وملاك المطاعم بإصدار نشرات دورية عن هذه السموم التي غزت الوجبات السريعة وبعض الأكلات الساخنة، والتي عرفتها فيما بعد من بعض المختصين الذين تأكد لديهم ضرر هذه المكونات الغذائية، وبصراحة كنت أقف مع أحد الباعة وسألته عن دور البلديات وهيئة الغذاء والدواء معكم، فأكد أن هناك جولات لكنها غير كافية لكشف الأخطاء الغذائية التي تسبب الأمراض من جراء تلوث الغذاء وعدم النظافة أو الاجتهاد من بعض الطهاة بأن تفنّنه يعطي نكهات تحسن الوجبات، وقد غفل هؤلاء مع الأسف عن ضررها المحقق إن لم تكن تحت مجهر الرقيب أو المختص، وهذا هو محور الدور الرقابي المنوط بالجولات التفتيشية التي يقوم بها المراقب الصحي وموظف الأمانات وغيرهم ممن أناطت بهم الدولة مسؤولية وأمانة حياة المستهلك، مهما كانت وظيفته، وقد تطورت وسائل الكشف عن الأخطاء في كل أجهزة الدولة، منها ما يخص الغذاء والدواء، وانتقاء المختصين المؤهلين من ذوي الخبرة في هذا المجال.
لقد سمعنا وقرأنا كثيرا عن بعض المطاعم الشهيرة ووقوعها في أخطاء كانت سببا في التسّمم حتى أغلقت هذه المطاعم وعوقبت، بل بعضها تم إغلاقه تماما. إنها رسالة لهيئة الغذاء والدواء -مع اعترافي بجهدها- أن تخصص بعض الفرق الميدانية لمرافقة الرقيب البيئي في بعض البلديات حتى يعم الوعي أصحاب المطاعم، فالعبرة بصحة الزبون لا خزينة المالك لهذه المطاعم، وهذا هو محط توقفي حول هذا الموضوع الخطير الذي يشتكي منه المجتمع بين حين وآخر. وقد أثبتت الأيام قصورا في الرقابة وغيابا حتى تقع الأخطاء وبعدها لا ينفع الندم. هدى الله الجميع لتحقيق مجتمع صحي آمن وسليم.