لحظة من الترقب والفضول أيضا تنساب إلى دواخلنا في معرض جدة الدولي للكتاب، نرقب سويا سجين الوجد والوجدان على محورين: الشكل والموضوع:-
على مستوى الشكل: المكان، البناء، التنظيم، الجمهور، الترفيه.
أما على مستوى الموضوع: الدور، العناوين، الندوات، الورش.
فوجدناهما كليهما يتظافران للذود عن مارد المعرفة، ونهتز جميعا لما نراه من زحام شديد وتكدس القاعات وتعالي المكبرات بحناجر المنافحين عن المعرفة بسيل من الترياق، يروي عطش الساعين إلى ينابيع.
يعضد هذا ذلك الوعي من الجمهور في البحث عن الكتاب الجيد وتمييزه بين الغث من الثمين!
وكما عهدنا دور المرأة وقوة دفعها وبعثها للفعل، كانت كما هي في ظهورها بشكل ملحوظ ومفعَّل. تحمل الكتاب إلى جانب الطفل. كلاهما جناحاها نحو آفاق المستقبل، وهي تدرك ذلك بوعي وسعي حثيث!
فينهض صاحبنا يكسِّر الحُجز، ويصب ترياقه في حقائب الذاهبين والآيبين، وتكتب له النجاة.
من الذي افترى عليه؟ ومن الذي شارك في نشر فكر مغلوط عن أفول نجمه؟ ومن المستفيد من فرية كهذه؟ وما الهدف من وَهم أوشك أن أضحى حقيقة إذا ما سلمنا رؤوسنا لمقولات جوفاء؟
لقد خرج معرض جدة للكتاب من دائرة النزهة وتظاهرة الموالد في ربوع الوطن العربي كله، إلى نوبة صحيان من غفوة كادت أن تعصف برؤوس الثقافة والمثقفين والساعين إليها أيضا.
حقيقة، لم ينج صاحبنا إلا بجهد كبير من جميع المدافعين والمؤمنين به.
رجال أثبتوا جدارتهم وقدرتهم على العطاء والقيادة والريادة والفهم في مدة وجيزة لم تتجاوز الأشهر الثلاثة.
فشكرا لكل من أسهم في براءة حبيس الأرفف والخزائن واستعادة عرشه، وشكرا لمن كشف الغطاء عن زيف قيل إنه العزوف عن القراءة والكتاب. وشكرا لمن سكب في حناجرنا صهيل الكلمات، وشكرا لقائد هذه المسيرة، فكرا وتنفيذا -ورجاله- صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، الذي أينما وضع قدميه هطل المطر. هكذا عهدناه.