علي محمد آل غظيف

في ظل ما نشهده هذه الأيام من جهد نشط من المسؤولين لترشيد النفقات الحكومية وزيادة الإيرادات، خصوصا غير النفطية، وهذا أمر محمود ومطلوب منذ زمن، فما بالنا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها بلادنا، خصوصا مع انخفاض أسعار النفط بشكل كبير.
ورغم هذا، فلا زال هناك بعض الإجراءات التي نراها تتعارض مع هذه التوجهات لقيادتنا الحكيمة، وهي كثيرة، ولعلي أشير إلى واحدة منها هنا، وهو الإجراء المتمثل في إرسال عدد كبير من الموظفين إلى عموم أنحاء المملكة لجباية زكاة بهيمة الأنعام، وما يصاحب ذلك من مصروفات حكومية كبيرة تتمثل في مبالغ مالية طائلة تصرف بدلات انتداب لهذا العدد من الموظفين مصطحبين معهم عددا من الآليات التي يحتاجون إليها وما يتبعها من مصروفات ومحروقات وخلافه. إضافة إلى المصروفات الأخرى من سكن ومعيشة وما إلى ذلك، وهذا الأمر إذا كان مقبولا في الماضي، فإنه لم يعد مقبولا في وقتنا الحالي لعدة أسباب منها: أن زكاة بهيمة الأنعام أصبحت في الوقت الحاضر تؤخذ نقدا ولم تعد عينا كما كان في السابق وهنا لا بد أن أشير إلى أن المبلغ المالي المقدر من الوزارة لرأس البهيمة ما زال منخفضا جدا مقارنة بالأسعار السائدة في السوق السعودي، فبهذا المبلغ الزهيد لا يستطيع أحد شراء أي بهيمة من السوق، إلا إذا كانت مريضة أو بها عيب وهذا غير مقبول شرعا. كما أن وسائل المواصلات من طرق واتصالات أصبحت والحمد لله متوافرة وليست كما كان في الماضي، مما كان يضطر الحكومة سابقا إلى الذهاب لمربي المواشي لأخذ زكاتهم من موقعهم تسهيلا عليهم، فقد أصبح صاحب الماشية متعلما ويقود السيارة، ولديه قدرة للوصول إلى أي مكان في المدينة لتسديد زكاته علاوة على أن كثيرا منهم يستطيع تسديد زكاته عن طريق موقع مصلحة الزكاة والدخل، ومن لا يجيد ذلك منهم فما عليه سوى زيارة أقرب فرع لمصلحة الزكاة والدخل في منطقته.
أخيرا، فإذا كان الهدف هو تحسين الأوضاع المادية لهؤلاء الموظفين بانتدابهم وصرف البدلات لهم لهذه المدد الطويلة، وبهذه الأعداد، فهذا أمر مختلف.
أما إن كان ترشيد النفقات الحكومية، وتقديم خدمة أفضل للمستفيد النهائي هو الأهم، فالطريق واضح.