قد يتلكأ الشخص في التوجه مباشرة إلى أي قطاع أو جهة معنية لعرض فكرته أو مقترحه، لأن هذا المقترح أو الفكرة قد تسرق أو تنسب إلى شخص غيره أو يستفيد منها موظف تلك الجهة

مع كثرة السلبيات وتداخلاتها وتأخر وضع الحلول في عدد من القضايا أصبح من المتعين على جميع الجهات الحكومية والأهلية الكبرى الاستعانة بعموم الناس في البحث عن المقترحات والحلول المناسبة، خاصة الأكاديميين منهم والمختصين أو أصحاب الرؤى والخبرة ممن لا يعملون بأي جهة ولا علاقة لهم بها، وذلك بوضع مركز عام يستقبل كافة المشاركات والآراء والمقترحات، ثم يحولها إلى جهة الاختصاص، ويكون ذا طبيعة بحثية أو علمية. فلا يمكن لجهة حكومية أن تضطلع وتحوي كل المقترحات التي قد يتفتق عنها أذهان الملايين من أبناء هذا البلد، وفي نفس الوقت قد يتلكأ الشخص في التوجه مباشرة إلى الجهة المعنية لعرض فكرته أو مقترحه لعدة أسباب، منها اللامبالاة في استقبال المقترح، وعدم وصوله إلى الشخص المناسب، واحتمالية تكدس الأشخاص مع كثرتهم وهشاشة بعض المقترحات، وأهمها أن مقترحه أو فكرته قد تسرق أو تنسب إلى شخص غيره أو يستفيد منها موظف أو غيره. وقد اطلعت على خبر في إحدى الصحف عن مقترح خاص عملت به الجهة المعنية، ثم تجاهلت صاحب المقترح! وقد حدثني أحدهم أنه اقترح فكرة لوزارة وعملوا بها ونسبت الفكرة لمسؤول في الوزارة!
ولا شك أن هذه التصرفات مما يعوق ويحبط المشاركة وبروز الأفكار إضافة إلى كون تلك الاقتراحات والأفكار من الحقوق الفكرية لصاحبها، فلا يمكن لأي جهة أن تعمل بمقترحه ولا تنسبه له، وإن كان دقيقا أو علميا فإن عدم نسبته له يعد من السرقات الفكرية، وبالتالي يتعين توثيق هذه الأفكار والمقترحات من خلال هذا المركز المقترح، حيث يتقدم الشخص بالفكرة إليه ثم توثق مختصرة ثم يبعث بها إلى جهة الاختصاص بعد دراستها وغربلتها معه، ويفضل أن يكون بالمركز ممثلون من جميع الإدارات الحكومية والأهلية يتولون النظر في المقترح. ولكم أن تتخيلوا حجم التغير والإصلاح الذي سيطرأ لو تم استقطاب الأفكار من 20 مليون نسمة بدلا من قصرها على بضعة آلاف يعملون في الجهة الحكومية الواحدة، ولو أمكن تطوير المركز بعد ذلك لتلقي مقترحات في السياسات العامة أو تلقي استطلاعات للرأي موثقه فإنه سيصبح طريقه جديدة في المشاركة الشعبية نصدرها للعالم.
إن وجود مثل هذا المركز -بل مجرد العلم بوجوده- هو مما يحفز ويشجع التفكير في إيجاد الحلول، ومما يزيد من احتمال إيجاد الحل.
فلو أخذنا حافز كمثال أو برنامج نطاقات؛ لوجدنا أنه يمكن لشخص من خارج الوزارة ذي إلمام واسع أن يقترحهما، ولو كان مثل هذا المركز موجودا لتوصلنا إليهما أو مثلهما أو أفضل منهما منذ سنوات سابقة على وجودهما، وبغض النظر عن نجاحهما أو فشلهما فأنا أتحدث عن بروز المقترحات نفسها والتي أشبه ما تكون بالمخترعات الإدارية إن صح التعبير.