حين نتأمل قصص العشق والغرام الخالدة سنجد رابطا واحدا بين كل هذه القصص؛ وهو أن أكثر العشاق الهائمين لم يجدوا سبيلا للوصول إلى حبيباتهم والزواج بهن، فقيس بن الملوح أو مجنون ليلى بذل الغالي والنفيس ليتزوج ليلى العامرية ولكن رفض والدها جعله يهيم بها أكثر، بل إنه سمي مجنون ليلى لعشقه الكبير لها والذي رافقه في أشعاره وترحاله، وروي أنهم نصحوه ليذهب إلى الحج ويتعلق بأستار الكعبة ويدعو الله أن يشفيه من حبها الذي أسقمه، وعندما تعلق بأستار الكعبة قال: اللهم زدني لليلي حبا وبها كلفا ولا تنسني ذكرها أبدا!
وهذا أيضا حصل مع عنترة وعبلة، فقد جاهد عنترة ليفوز بابنة عمه، وساق لها ألفا من نوق الملك النعمان والشهيرة بعصافير النعمان، ولكن عمه تهرب وماطل، بل قيل إنه طلب من فرسان القبائل رأس عنترة مهرا لعبلة!
وكذلك حصل مع جميل وابنة عمه بثينة، ويقال إن بثينة دخلت على عبدالملك بن مروان فقال لها: والله يا بثينة ما أرى فيكِ شيئا مما كان يقول جميل! قالت: يا أمير المؤمنين إنه كان يرنو إليّ بعينين ليستا في رأسك!
أيضا أبو العتاهية وعُتبة، كُثير وعَزة، ابن زيدون وولادة، وهناك كثير من قصص العشق والغرام التي لم يكتب لها نهاية سعيدة.
فهل الحرمان يزيد لهيب العشاق؟ وهل العشق والهيام هما مجرد حب تملك؟ ماذا لو تزوج قيس بليلى؟ هل سنتوارث قصصه وأشعاره؟ وهل سيقول فيها أشعارا أصلا؟
أكاد أجزم أنه لو تزوجها سـينكد عليها عيشتها، وسـتنكد عليه عشيته، واحتمال كبير يطلقها لمجرد أنها ما حلبت ناقة أو ما جابت حطب!