أين دور ملحقياتنا الثقافية في توضيح تاريخ المملكة وحضارتها ومساهماتها في القضايا العالمية؟ في الولايات المتحدة وبريطانيا جيوش من السفراء فماذا صنعت بهم الملحقيات؟

لقد كان من المضحك التنويه باسم المملكة في قضية اعتداء كاليفورنيا الأخير، لمجرد أن المرأة المشاركة لديها أسرة تعيش في السعودية وزارتهم مرتين فقط، لكن الغرض ليس البحث عن الحقيقة، بل هو أقرب لما يعبر عنه المثل الشعبي العيار الذي لا يصيب يدوش. تكرار هذه المحاولات الفاشلة لربط اسم المملكة بالإرهاب سيكون سهلا بعدها نسج أكاذيب تستطيع إقناع الرأي العالمي بهذه العلاقة المزعومة.
لماذا هذه الحملة الإعلامية ضد المملكة، وهل من الصدفة تزامن نشر هذه الاختلاقات في أوروبا وأميركا؟ مما يجرنا لسؤال أهم وهو: هل هو عمل منظم خلفه مؤامرة؟
كانت هذه أسئلتي للدكتور عمر الغازي أستاذ الإعلام في جامعة شيفلد البريطانية أثناء لقاء معه رتبه نادي الإعلاميين السعوديين في بريطانيا، كانت إجابات دكتور الإعلام بنعم. هناك لا شك لوبي ضد المملكة هو من ينظم مثل هذه الحملات، وهناك أفراد ينضمون للحملة لأسباب تخصهم.
في الحقيقة أن الإعلام في الغرب هو أداة السياسة التي ترتب المجتمع لتقبل القرار السياسي، ولقد شاهدنا ما فعلوا بصدام حسين وكل أكاذيب السلاح الكيميائي والتهديدات للعالم الغربي ليتقبل الأفراد مهاجمة العراق ويصمت دافع الضرائب عن التذمر، لأن ما سيفعله الجيش هو لحمايته بالدرجة الأولى، وكما نرى الآن في خطتهم لتقسيم العراق عندما تبرز صحفهم جرائم ضد الكرد من قبل داعش وقوة الجنود الأكراد، خاصة المجندات وتصويرهم كأبطال يحرقون المساجد، تحطم فتياتهم لوحات تظهر بها نساء بالحجاب الإسلامي المتعارف عليه ويطلقون الرصاص بعد خروج داعش من قراهم كأنهم هم من أخرجهم بينما التحالف هو من فعل ذلك، والسبب إقناع الرأي العالمي باستحقاق الكرد دولة مستقلة تقسم من أجلها بلاد عرف العالم وحدتها منذ آلاف السنين وهي العراق.
هل هو السيناريو ذاته مع السعودية عبر محاولة تشويه صورتها كبلد متحضر متطور له مكانته في الساحتين السياسية والاقتصادية؟
من الصعب الإجابة عن هذا السؤال ولكن من السهل ألا نتركهم يكملون طريقهم مهما كانت أهدافهم التي يحاولون تحقيقها. إن مواجهة هذه الحملة ليس فقط في أن نكون ردة فعل لما نقرأ أو نشاهد، بل أن نكون الفعل نفسه.
نحن أمة لا يعرف عنها العالم الكثير، فلماذا لا نعرف العالم بنا؟ أين دور ملحقياتنا الثقافية في توضيح تاريخ المملكة وحضارتها ومساهماتها في القضايا العالمية؟
الملحقيات الثقافية لم تقم بدورها تجاه ثقافة المملكة وإنجازاتها، بل جرت آلاف المبتعثين لأعمال لا تحقق الأهداف الرئيسية لدور الملحقيات الثقافية. في بريطانيا وأميركا جيوش من السفراء فماذا صنعت بهم الملحقيات؟
لقد تركت مجتمعات سعودية في الغرب تنكفئ على ذاتها، طلاب لديهم مؤتمرات تخصهم، مسابقات تخصهم، بل حسابات في تويتر يقومون فيها بواجب الملحقيات في الإجابة عن الاستفسارات التي تشغل بال الطلاب مما يثير الدهشة، وماذا يفعل موظفو الملحقيات؟ لماذا ليست لهم حسابات ترد على الطلاب؟ لماذا ليست لديهم حسابات باللغات الأجنبية ترد على الهاشتاقات التي تتناول السعودية بالنقد الكاذب؟
إن الجامعات الغربية مليئة بالأنشطة التي تشجع التواصل والتبادل المعرفي والحضاري، فأين الملحقيات عنها عبر تشجيع الطلاب والمساهمة في مصاريف مثل هذه الأنشطة بدلا من مناسباتهم التي يحضرها موظفو الملحقيات والفئة المرضي عنها من الطلاب، أو من يقوم بواجب الملحقيات ويصنعون الجيتو السعودي في الغرب، بينما من يحاول أن يستفيد من تجربة الابتعاث ويقوم بالتواصل مع المجتمعات الغربية وقنواتها الإعلامية أو الطلابية يحرم من عطف الملحقية وتشجيعها!
ربما من المناسب هنا ذكر نادي الإعلاميين السعوديين في بريطانيا الذي يقوم بجهد جبار عبر ربط طلاب الإعلام والعاملين به بالشبكات الإعلامية البريطانية وأقسام الإعلام بالجامعات البريطانية، وما ذكر أعلاه كان أحد أنشطتهم، وهناك نشاط آخر في يناير، حيث يزور الإعلاميون السعوديون قنوات BBC في لندن إن شاء الله.
مثل هذا النادي لا يتلقى دعما من الملحقية، لا بتشجيعه ولا بتشجيع الطلاب على مثل هذه الأنشطة التي تحقق للمملكة الفائدة من وجود الطلاب السعوديين بالخارج، خاصة أن وزارة التعليم تسميهم سفراء في وقت لا تشجعهم ملحقياتهم على تحقيق معنى هذا المسمى مطلقا.
السعودية الآن تحتاج منا إظهارها كما هي، وهذا لا يتطلب جهدا كبيرا، فقط يحتاج لمخلصين.