ربما تصبح رحلات استكشاف المريخ هي المقصد رقم واحد لرحلات الفضاء في القرن الـ21، وإذا كنت مهتما بمثل هذه الرحلات، فبإمكانك أن تجرب حظك وتستطيع السفر إلى هناك. خاصة مع وجود بعثات لاستعمار المريخ بتمويل خاص يقودها بعض المستثمرين المغامرين، وعلى رأسهم الهولندي براس لانسدورب.
وإذا تم اختيارك لتشارك في هذه الرحلة، فستسافر سبعة أشهر في رحلة ذهاب بلا عودة، إذ سيتم إرسال أول أربعة متطوعين من البشر عام 2026، آملين أن ينشؤوا مستعمرة في المريخ. هذا بينما يقول علماء ومهندسو فضاء إن هذه الرحلة ليست واقعية. لكن في النهاية إن ما يُهمني هو الحُكم على أخلاقيات هذه المغامرة.
منذ بضع سنوات، كنت ضمن مجموعة من علماء الأخلاقيات البيولوجية الذين تم سؤالهم عن مدى أخلاقية إرسال بشر إلى المريخ لبضعة أشهر أو حتى سنوات.
في ذلك الوقت، كانت وكالة ناسا تفكر في إرسال رواد فضاء إلى المريخ دون أي تفكير في تدبير رحلة عودة. بعد ذلك خططت ناسا رحلة عودة مدتها ثلاث سنوات في 2035.
وحينها، أخبرتُ وكالة ناسا أن الاستكشافات في أجواء مرعبة ومخاطر حقيقية ليست أمرا جديدا في التاريخ.
السؤال عن مدى أخلاقية رحلات طويلة المدة للفضاء، هو السؤال نفسه الذي كان يجب أن يسأله لنفسه الإنجليزي روبرت فالكون سكوت، قبل الانطلاق في رحلته المنكوبة إلى القطب الجنوبي.
ما العقبات التقنية؟ وما الذي ينبغي ابتكاره للتغلب عليها؟ وما الاستعدادات اللازمة لهذه الرحلة؟ وما تكلفتها؟ وما المعلومات الواجب توافرها لطاقم الرحلة حتى يوافقوا؟
يُخبرنا التاريخ أن سكوت وصل إلى القطب بعدما طالب روالد أمندسون بتبعيته للنرويج. ومات سكوت وجميع طاقمه في طريق عودته إلى وطنه.
لقد كانوا غير مجهزين لمثل هذه الرحلة بشكل بائس، فقد أخذوا معهم الزيتون الفرنسي ومربى التوت، لكنهم لم يأخذوا ما يكفيهم من القفازات!
كان روالد أمندسن على العكس من ذلك، فقد تعلم المهارات اللازمة للبقاء على قيد الحياة من أناس عاشوا في القطب الشمالي قبل أن ينطلق في رحلته.
مثال سكوت يخبرنا أن الشجاعة وحدها لا تكفي. الاستعداد الواقعي شيء أساسي.
إذًا، فماذا كانت نصيحتي لوكالة ناسا؟ استكشاف الفضاء هو استثمار رائع، لكنه يجب أن يأتي مع تكلفة باهظة. يجب أن تتم حماية رواد الفضاء خلال العملية على قدر الإمكان. ويجب أن تكون المهمة بأكملها في العلن ولأغراض سلمية، بواسطة أشخاص لديهم حرية الاختيار. وتعدّ هذه الأشياء عادية مع النتائج المرجوة من الرحلة.
لكن قبل أن تنطلق أية رحلات، يجب أن تكون هناك مناقشة واسعة المجال، حول ما يعنيه السفر في الفضاء بالنسبة لنا، وما نحن مستعدون للتضحية به من أجل تحقيق أهدافه.