كوبنهاجن: يعقوب التستري

لم تقتصر اعتداءات النظام الإيراني في إقليم الأحواز العربي على مصادرة الأرض ونهب الثروات وارتكاب التجاوزات في حق القانون الدولي والإنساني، بل تجاوزتها ووصلت إلى حد تذويب هوية الشعب العربي بالإكراه، وصهر مكوناته الثقافية والتاريخية.
فالشعب العربي ممنوع من تسمية أبنائه بأسماء عربية، أو ارتداء أزياء تبرز هويته، حتى آثاره التاريخية تعرضت للتدمير بواسطة الفرس، إمعانا في سلخه من واقعه العربي، ورغم أن بعضها يعود إلى سنوات طويلة، ومحمي بموجب القوانين، إلا أن سلطات طهران تسعى من وراء تلك الأعمال إلى تحريف الحقائق التاريخية، وتعزيز مزاعمها بأن الأحوازيين لم يحكموا يوما من الأيام هذه الأرض، وأنهم جزء لا يتجزأ من جغرافيا الدولة الفارسية.


دأبت السلطات الإيرانية في إطار مساعيها إلى تذويب هوية الشعب الأحوازي العربي، ضمن المجتمع الفارسي، إلى ارتكاب العديد من التجاوزات التي تهدف إلى محو أي طابع عربي لذلك الشعب، كما يتعرض الناشطون المنادون بالحفاظ على هويتهم إلى التنكيل والاضطهاد.
وأشار مراقبون إلى أن تجاوزات نظام طهران في حق الشعوب غير الفارسية تتم تحت سمع ونظر السلطات الرسمية، في إطار إستراتيجية متكاملة ومدروسة، تهدف إلى إعلاء الصوت الواحد والمذهب الوحيد، والرأي الأحادي.

 

محاربة الزي العربي
ركزت دولة الاحتلال على منع الأحوازيين من ارتداء الزي العربي في المؤسسات الحكومية، وحتى الأماكن الرياضية، وأبرز حادث في هذا الإطار منع الأحوازيين الذين كانوا يرتدون الزي العربي من دخول ملعب كرة القدم، لمشاهدة المباراة التي جمعت فريقي فولاذ والهلال السعودي في السابع عشر من مارس من العام الماضي، ورغم تمكن البعض من الإفلات ودخول الملعب، إلا أن الشرطة اعتقلت المئات منهم بعد انتهاء المباراة.

 

هدم الآثار
كذلك أقدمت سلطات الاحتلال الفارسي على هدم وتدمير العديد من الآثار التاريخية في الأحواز، حيث تعرضت معظم القصور والمباني الحكومية التي تعود لفترة حكم الشيخ خزعل بن جابر إلى التدمير بشكل كامل، وما تبقى منها آيل للسقوط والزوال، نتيجة الإهمال المتعمد من قبل السلطات المحلية التابعة للاحتلال.
وقامت قوات الحرس الثوري في الرابع من أبريل 2010 بنسف قصر الفيلية، بالقرب من مدينة المحمرة، المطل على شط العرب، بشكل كامل، على الرغم من أنه يعد من الآثار التاريخية المدرجة على لائحة الآثار التي تجب حمايتها بموجب القوانين المحلية.
كما أن هناك مخاوف بين الأوساط الثقافية الأحوازية من نية الاحتلال هدم قصر الشيخ عبدالحميد خزعل، بعد الكشف عن وجود آليات ثقيلة في ساحة القصر. حيث رصد عدد من النشطاء الأحوازيين، والمهتمين بالآثار والتراث، أخيرا، تحركات مشبوهة تجري في القصر المذكور، ربما يكون الهدف من ورائها تدميره، كجزء من خطة تدمير الآثار العربية الأحوازية. ويؤكد الأحوازيون أن هدم وتخريب الآثار هما شكل من أشكال العمل المنظم والممنهج الذي يهدف إلى طمس الهوية العربية في الأحواز، وأن دولة الاحتلال تسعى من خلال هذه الأعمال إلى تحريف الحقائق التاريخية، لتعزيز نظريتها التي تفيد بأن الأحوازيين لم يحكموا يوما من الأيام هذه الأرض، وأنهم جزء لا يتجزأ من جغرافيا الدولة الفارسية.

 

فرسنة الهويات
تمنع دولة الاحتلال الأحوازيين من تسمية أبنائهم بالأسماء العربية، وفي هذا الإطار خصصت دولة الاحتلال قائمة بأسماء، تم تعميمها على الجهات المختصة، تضم أسماء الأئمة، إضافة إلى عدد قليل من الأسماء العربية، وما تبقى كلها أسماء فارسية لا تمت للثقافة العربية بأي صلة. ومن بين الأسماء المحظورة، فهد، وصدام، وغيرها. كما حظرت طهران استخدام الهمزة في الأسماء مثل جيداء، أسماء، حوراء، إسراء، شيماء، حيث تكتب جيدا، واسما، وحورا، واسرا، وشيما.
تتجلى طبيعة الإجراءات العنصرية ضد الأحوازيين، في إقدام دولة الاحتلال على تغيير اسم الأحواز إلى خوزستان، ولا يقتصر الأمر على تغيير تسمية الإقليم، بل أقدمت طهران على تغيير أسماء كل المدن، والقرى، والأنهار، إمعانا في محو أي أثر للوجود العربي في هذه المنطقة.