مشاعل حلفان آل عايش

لقد أضحى (التكفير – الغلو - الإرهاب) من أكثر المصطلحات المعاصرة تداولا في شبكات التواصل الاجتماعي، والطرح الفكري، ولعل الأحداث المتعلقة بذلك سواء الداخلية أوالخارجية كانت السبب في ذلك، ويلاحظ من خلال مجريات الأحداث استهداف الشباب بهذا الفكر تنظيما وتنفيذا، كما يلاحظ على هذا الفكر من حيث استقراؤه تاريخيا أنه يعيش بين مد وجزر، فيتمدد في مراحل تاريخية، وينحسر دوره في مراحل أخرى، وبالرغم من تغير مسمياته ما بين (خوارج وبغاة وتكفيريين وصولا إلى دواعش)، فهم يحملون فكرا ومنهجا واحدا في التنظيم السري، من خلال تنفيذ الاغتيالات والتفجيرات، والمرأة المسلمة لها دور كبير في مواجهة هذا الداء الفكري، فهي المدرسة الأولى في حياة أي رجل، ولعل الأمومة أقوى الأدوار في فكر الأبناء فيما بعد، وأنا هنا أطرح منهجية عملية لمعالجة الغلو في الوسط النسائي، للحيلولة دون تمكنه، وأنا لا أدّعي نجاح هذه المنهجية نجاحا تاما، ولكون بعض هذه الأساليب سبق أن ذكرتها في بعض المحاضرات النسائية، وفي بيئة العمل المدرسية، فلاقت قبولا كبيرا، ومن هذه الأساليب:
تكثيف المادة العقدية: ويقع على كل تربوية أيّاً كان موقعها، ومرحلة التدريس التي تتولاها بدءا من الأم المربية الأولى، حتى أستاذة الجامعة، حيث يلاحظ على التلقين العقدي فيما سبق قصر الحديث في الغلو على جانب العبادة مع إهمال جانب المغالاة في الحكم على عصاة المسلمين، فقد كان إهمال الحديث عن هذه الجوانب أو تقليص مادتها العلمية في الطرح سببا لوجود فجوة فكرية في أذهان بناتنا، لتبنى في هذه الفجوات لبنات متطرفة يتشربنها فكرا، ثم تغدو بعد ذلك سلوكا عمليا تذوق ويذوق من حولها مرارته.
الدور الإعلامي: حيث إن نساءنا غدت وسائل الإعلام بأنواعها وأشكالها المتعددة مرتعا لهن في جميع أمورهن، وأنا لا أغيب الجوانب الإيجابية الموجودة في هذه المواد الإعلامية، ولكنها أضحت عند الكثير منهن صانعة فكرهن وسلوكهن، دون تمحيص، ولو تبنت وزارة الإعلام والجامعات فقرات دعائية توعوية على هذه القنوات، لكان لذلك دور جيد، حيث إن إخلاء الميدان لدعاة تلك الأفكار المضللة يسهّل عليهم الوصول إلى أهدافهم المنشودة.
التعريف بالأضرار المترتبة على هذا الفكر: حيث إن الحماس غير الموجه، مع تدنّي الفهم وقلة العلم الشرعي كانت سببا في انحرافهن الفكري، وعند أدنى توعية علمية صحيحة تتولد لديهن قناعة تامة بالرجوع عن ذلك، وهذا الأمر يتطلب نزولا إلى مستواهن الفكري، وأماكن تواجدهن.
تنويع البرامج التوعوية حول ذلك: فإن من لا يتجدد يتبلد، وقد يكون هذا حال المتلقية، فالإكثار من طرح المادة العلمية دون تنويع الأساليب في الطرح، ولو جعلت المواد العلمية سهلة التداول لتم وصولها إلى أكبر شريحة منهن.
تعزيز قيمة التأصيل الفكري: فكما نرى حرص بناتنا على الالتحاق بما يضمن لهن تحقيق الدرجات العليا في اختبار القياس والقدرات.. إلخ، وسلوك كل طريق معرفي لذلك، ولو أضيف إلى هذه المطالب مطلب حصول الطالبة أو الموظفة على شهادة في برنامج تأصيلي استهدف التبصير بهذا الفكر وأضراره...إلخ، وعمل اختبار ختامي للطالبة في نهاية هذا البرنامج لوجدنا ثقافة التأصيل الفكري السليم لدى شريحة متسعة من بناتنا، وجعل هذه المشروعات تابعة لوزارة أو هيئة، فلا تبقى مجالات للجهود الفردية.
وحينما نرى تكاتف مؤسساتنا الحكومية والأهلية على حماية أفكار بناتنا، ونرى المربيات والإعلاميات يحملن جميعا هم حماية الفكر سنجد بحول الله مجتمعا واعيا، وسفيرات لهذا الدين يحملن المنهجية الوسطية، فالمرأة هي بذرة المجتمع.
العمل على إصدار حقائب تربوية هادفة: يتبنى إصدارها أهل الاختصاص، أو يطلب من فتياتنا إصدارها تحت إشراف موثوق، لاسيما أننا نرى جيلا يملك من مهارات التقنية ما لا يملكه آباؤهم وأمهاتهم، فلو طوعت هذه المهارات لرأينا بإذن الله ما تقر به العيون.