بعض الدوائر الحكومية لديها طريقة عجيبة في صياغة إعلاناتها الموجهة إلى الجمهور. تجدها تتفنن لتكون أقرب إلى الغموض من الوضوح، ثم بعد أن تصبح سيرتها على كل لسان، تبدأ متأخرة سلسلة التبريرات والتفسيرات!.
من ذلك، صورة الإعلان الأخير الصادر عن فرع صندوق التنمية العقارية في الرياض، والذي تضمن إيقاف توقيع وإصدار عقود إقراض جديدة اعتبارا من 3 صفر، وحتى إشعار آخر.
المضحك في الإعلان الملصق أنه حوى رقم وتاريخ تعميم المدير العام للصندوق العقاري، وكذلك رقم وتاريخ تعميم وزير المالية المبني عليه.
فيما خلا من تبيان مسببات ذلك القرار، وكأن محور اهتمام الناس معرفة أرقام وتواريخ التعاميم لا سبب إيقاف الصرف!
معظم من قرأ الإعلان تبادر إلى ذهنه أن سبب الإيقاف مادي، وهذا ما حملته التخمينات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقلت صورته على نطاق واسع، إذ ربط معظمها القرار الصرف باحتمالية وجود عجز مالي والحاجة إلى توفير سيولة.
كنت ممن قرأ إعلان وقف صرف القروض، ولم يفهم سببه، حتى إن أحدهم سألني ولم أجد إجابة سوى ممازحته بأن وزير الإسكان ربما زعل علينا بعد الحملة التي أعقبت ندوة الفكر الشهيرة، وكونه أيضا رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية العقارية!
مضى وقت وكلُ يضع تفسيرا لذلك الإيقاف المفاجئ، حتى صرح مدير العلاقات العامة والمتحدث الرسمي للصندوق العقاري، موضحا أن إيقاف الصرف إجراء سنوي معتاد، وفقا لتعليمات الميزانية العامة للدولة، والتي حددت إيقاف الصرف اعتبارا من تاريخ 3 صفر 1437، وتم تعمميه على جميع الفروع والمكاتب بمختلف المناطق، وأكد معاودة الصندوق العقاري توقيع العقود وصرف القروض المستحقة في الموعد المحدد لاستئناف الصرف بعد الميزانية، كما أن إيقاف الصرف لا يشمل من وقع عقده قبل تاريخ التوقف، إذ سيستمر صرف دفعاته وحسب مواعيدها المعتادة.
كان بإمكان إدارة الصندوق العقاري الموقرة، اختصار الموضوع والتوضيح للناس في الإعلان نفسه بأن قرار إيقاف الصرف مؤقت، وهو إجراء سنوي مرتبط بالميزانية العامة، وبذلك يكون إعلانا كامل الوضوح، وخاليا من أي لبس. لكن يبدو أن بعض الناس حالفة إلا أنها تجيب الكلام لنفسها!