معظم القوانين التي وضعت في المجتمع وسيّر عليها الرجل حياته يصبح من الصعب تغييرها أو تقبل أي طريقة أخرى، وهذا ما جعل الرجل لا يحترم المرأة التي تشاركه وتكون نّدا له

تظهر النساء كأقلية في أي حضور إعلامي أو ثقافي، ونجد أنهن لا يكدن يذكرن إلى جانب الحضور الذكوري الطاغي في أي مناسبة، هذا لأن الرجل أتيح له المجال وهو الذي يتحكم في الحياة الاجتماعية وتنظيم علاقاتها، الأمر الذي أعطاه القدرة على التغلغل في أي من المجالات التي تكفل حقه بالوجود فيها، وبمقابل ذلك نجد أن هناك نظرة دونية للمرأة تسيطر على حالتها ولا تجعل المجتمع يثق بها رغم أن المرأة لم توضع في أي قالب إلا وتنجح فيه، وقد أثبتت ذلك من خلال التجارب المختلفة في شتى المجالات.
المرأة في وسعها تحمل المشقة إذا أرادت أن تشق طريقها لفعل شيء ما، فهي تجابه هذه النظرة التي تقصيها وتصنع منها كائنا غير مؤهل لفعل شيء إذا لم يساندها الرجل، وبالرغم من ذلك إلا أنها وضعت في قالب يصورها كمستضعفة لا يمكنها من تحقيق نفسها بمفردها، حتى إنها في غالب الأحيان تقع رهينة لهذه النظرة التي تستضعفها وتجعلها تتصور أن هذا الدور الموصوف لها هو الدور الطبيعي.
الثقة التي يفترض أن تعطى للنساء هي في الأصل ركيزة التشارك في الحياة الاجتماعية، وهي محور كل بنية أسرية في المجتمع، لكننا نجد أن القناعة المطلقة لدى أكثر الرجال خلاف ذلك، فهي تشير إلى أن المرأة بالطبيعة كائن أدنى من الرجل، وهذا الأمر يجعل من المستحيل عليهم الثقة بها، فهو يعتبر نجاحها منافسة له أو تفوقاً عليه، وهذا الأمر لاشعورياً يصعب قبوله، والصورة الذهنية تصور المرأة الأكثر احتراماً في دور المطيعة وهي في الحقيقة مستعبدة، والمجتمع الذي يعتبر فيه الرجل سيداً يقلل بذلك من قيمتها ويختزل أبعاد مهمتها الاجتماعية والإنسانية في ذات تتبعه أو تستظل به وتخدمه، بينما هو يعاني منها حيناً ويتقبلها حيناً آخر، ويعتقد أنها لا تستطيع أن تحقق أمراً من أمور حياتها إلا بإشرافه، ويتعامل معها على أنها أقل منه، وكأنها شيء وليست إنساناً، يعتبرها عبئاً وليست فرداً مسؤولاً، لذلك فهي غالباً ما لا تحصل على الدعم الذي يحترم كيانها كعضو فاعل في المجتمع والذي يمكنها تحقيق دورها الاجتماعي من خلاله.
قد يكون دافع المرأة في تحقيق هذا الاحتياج ذاتياً، لكنه لم يصل إلى الدرجة التي تجعلها مستقلة بالشكل اللافت، وعلى المقابل هي تعتقد أن دورها امتداد لدور الرجل، فلا تتعامل مع حالتها في الحياة على كونها إنساناً مستقلاً مقابل تنازلات أخرى تقلل من قيمتها وتجعلها بالفعل دوناً عنه، وللأسف فإن الثقافة تصور للمرأة بأن الحديث عن حقوقها وحرياتها خروج عن تعاليم دينها، وفي الواقع أنها إذا استطاعت تحقيق حريتها ستتمكن من تحقيق إنسانيتها، وإلا فلا فرق بينها وبين الرقيق الذي يعيش تحت رحمة سيده، لأن معظم القوانين التي وضعت في المجتمع وسيّر عليها الرجل حياته يصبح من الصعب تغييرها أو تقبل أي طريقة أخرى، وهذا ما جعل الرجل لا يحترم المرأة التي تشاركه وتكون ندا له، لأنه يتعلم ويتربى على أن نموذج المرأة الكاملة هي تلك الأضعف منه.