مما يدعو للسخرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يزعم أن الموجة الأخيرة من العنف الفلسطيني ليست لها علاقة بانهيار محادثات السلام أو بناء المستوطنات الإسرائيلية، أو حتى إسرائيل نفسها، وإنما تتعلق بالتعصب الفلسطيني تجاه أي وجود لليهود في فلسطين التاريخية.
ولذا، فإن الهدف الحقيقي لنتانياهو من حديثه عن مفتي القدس الأسبق الشيخ أمين الحسيني الذي زعم أنه كان مؤيدا لأدولف هتلر، هو محاولة الاستشهاد بمقتل اليهود. وزعم نتانياهو في خطاب له أمام المؤتمر الصهيوني أن جوهر الصراع كان ولا يزال الرغبة في تدمير اليهود في أي مكان سواء أكانت لهم دولة أم لم تكن.
وصادفت هذه الفكرة أصداء مؤيدة بصورة مفاجئة، حتى من بعض المعلقين الذين لا يتفقون مع نتانياهو، حيث قال أحدهم: إن العنف خلال الأسبوعين الماضيين كان متجذرا، ولكن ليس بسبب سياسات الاستيطان الإسرائيلية، وإنما بسبب وجهة النظر التي ترفض الحقوق الدينية والقومية لليهود.
في الصيف الماضي أشرف ديفيد بولوك، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الذي أجرى استطلاع لآراء العرب في الضفة الغربية والقدس وتوصل فيه إلى أنه أيا كانت نتيجة ما اعتقده الفلسطينيون في عهد المفتي الحسيني، فإنهم في الوقت الراهن يقبلون إسرائيل إلى حد ما. ويؤكد الاستطلاع أن 70% من الفلسطينيين في القدس يقبلون صيغة حل الدولتين لشعبين، وأن أغلبية كبيرة تمثل 62% تعتقد بأن إسرائيل ستظل موجودة على مدار 30 أو 40 سنة.
الواقع أن وضع الفلسطينيين في مدينة القدس مختلف، حيث إن أحياءهم وقراهم تقع ضمن المدينة التي ضمتها إسرائيل بعد حرب عام 1967، ويعيشون داخل الجدار الذي بنته إسرائيل كحد يفصل الأراضي الفلسطينية قبل عقد مضى، ما أدى إلى عبور 40 ألف فلسطيني تقريبا إلى القدس الغربية أو أجزاء أخرى للعمل يوميا.
وعلى الرغم من أن آراء الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة تبدو أقل جاذبية، إلا أنها في الضفة الغربية لا تزال الأغلبية على استعداد لقبول حل الدولتين، ولا يزال بعضهم يأمل في دمار إسرائيل على المدى الطويل. ويقول ديفيد بولاك حتى في القدس لا يزال 55% من المقدسيين يتمنون تحرير أراضي فلسطين التاريخية كافة في يوم من الأيام، ولكن ليس بالضرورة أن يتم ذلك بقتل أو طرد اليهود.
لكن الواقع الآن، أن الفلسطينيين ليسوا أصحاب أيديولوجية حقودة، كما يصورهم نتانياهو، بل إن معظمهم منفتح على الحل الذي يزعم نتانياهو تأييده.