في السنوات الأخيرة نلاحظ أن المجتمع هو أكبر مسوق لأي شيء، وأفضل من أية وسيلة دعائية أخرى.
أتذكر -مثلا- جهاز البلاك بيري عندما نزل إلى السوق للمرة الأولى، كانت شركات الاتصالات تقوم بعمل دعايات لمدة سنة، وكانت تستهدف قطاع الأعمال لميزة استقبال وإرسال الإيميلات بسرعة، ولكن الجهاز لم يحقق مبيعات تذكر إلا بعد أن استخدمه الأفراد، واكتشفوا ميزة الدردشة فيه، وخلال أشهر قليلة أصبح البلاك بيري تقريبا في كل منزل.
أيضا نتذكر ظاهرة انتشار كاميرات التصوير الاحترافية. فجأة أصبح الشعب كله مهتما بالتصوير رغم أن أشهر شركتين نيكون وكانون لم تقوما بأي جهود تذكر للتسويق.
حتى في السياحة، إذا عرفنا ديرة رحنا إليها أفواجا.. فمثلا، لوزان بسويسرا تشعر أنك في حي السويدي وليس سويسرا خاصة في الصيف.. وتمشي وتسلم على فلان وعلان. وطبعا لن أحدثكم عن طرابزون بتركيا. أحد الأصدقاء زارها في الصيف يقول: طلعت من عنيزة إلى طرابزون أبي أغيّر جوّ وفوجئت بأن كل الجماعة والجيران هناك، وتغير جدول الرحلة تماما لأن أقارب زوجتي وبناتهم كانوا هناك وهات يا زيارات وعزايم!
أما ماليزيا فحكاية أخرى، فحتى مطاعمهم توفر بارتشنات للعوائل! ومر علينا وقت كان كل المعاريس الجدد يروحون ماليزيا وكأنها من طقوس الزواج في مجتمعنا، حتى التجارة عندنا بالفكرة نفسها. إذا فتح محل خضار يفتح جنبه محلان للخضار وإذا فتح حلاق يفتح جنبه محلان للحلاقة! ولو أن أحدا من العائلة أنشأ شركة مقاولات سترى إخوانه وعيال عمه وأصدقاءه كلهم فجأة أصبحوا يهتمون بالمقاولات، ويريدون فتح شركات مقاولات!