إذا زرت موقع وكالة الأخبار السعودية الرسمية (واس)، فسوف تشعر أن ذاكرتك تشبه ذاكرة سمكة. تلك التي لا تتمتع بمساحة كافية في الدماغ لذاكرة حيوية مثل الإنسان، أو ذاكرة تاريخية مثل الوطن. ما يحدث في (واس) أنك عندما تبحث عن صور لرموز وطنية، ومنشآت حيوية واقتصادية تحكي تاريخ هذه البلاد ومراحل تطورها عبر الزمن؛ فإنك لا تجد أي صورة من صور ذاكرتنا التاريخية. لماذا؟ لأن نظام (واس) لا يحتفظ بالصور التي التقطت قبل شهرين! وهذا مؤشر إلى نظرة وكالة الأنباء لكل ما يدور حولها.
استراتيجيا، تبدو (واس) غير مدركة لدورها في إعادة تدوير التاريخ واستدعاء أحداث الماضي من أجل الحديث عن أبعادنا الزمنية الأخرى. عندما لا يتاح للكتاب والباحثين والصحفيين الكتابة عن الوطن من خلال قنوات أتاحتها الدولة، فذلك يعني أن (واس) كسرت القلم، وحطمت الكاميرا واستعاضت عنهما بخيمة مؤقتة من الصور تنتقل كل شهرين إلى مكان آخر.
هذه الذاكرة، مؤشر آخر للطاقم الذي يدير (واس)، وعدم استيعابه لأنظمة التخزين المعاصرة التي تمنحه عددا لا محدودا من الصور من خلال ما يسمى بالسحب الإلكتروني. يبدو الأمر مثيرا للإحباط عندما أحصل على صورة عن أرامكو منذ 50 سنة مثلا من خلال اشتراك سنوي مع وكالة الصحافة الفرنسية، ولم تدرك (واس) حتى الآن أن صورها بالإمكان أن تحقق لها أرباحا تشكل إحدى بدائل الدخل المتنوعة، والتي يمكن استثمار مردودها في دفع قيمة السحب الإلكترونية التي تخزن فيها ملايين الصور، إلى جانب قيمة تطوير موقعها ومنصاتها الإلكترونية مثل تطبيقات الصور، أو تطبيق حدث في السعودية مثل هذا اليوم.
يبدو الأمر سهلا، فكل ما على العاملين في (واس) أن يجتمعوا حول طاولة واحدة ويقدموا تصورا استراتيجيا لما يمكن أن نسميه (مشروع استعادة الذاكرة التاريخية) من خلال تطوير منصة كاملة قابلة لاستيعاب الجيل الذكي من المواطنين الذين باتوا يعيشون داخل جوالاتهم أكثر مما يعيشون خارجها.