الردود المناسبة لا تُحدد إلا بالتقدير الدقيق للتحديات التي تثيرها أزمة المهاجرين الراهنة. والقضية إذًا، هي كيف نعالج المستقبل الذي يعج باليأس الذي يواجهه المهاجرون، وكيف نتقدم بالردود المناسبة للحالات العاجلة في المدى القصير، فيما نحن نتصدى أيضاً للمشكلات البنيوية الأكثر صعوبة؟
على المدى القصير، الأولوية القصوى للأوروبيين هي ترتيب بيتهم الداخلي والتقيُّد بقواعدهم الداخلية الخاصة والمعاهدات الدولية، مع إحساس أكبر بالتضامن والمسؤولية. ثم يتعيّن على الأوروبيين زيادة انخراطهم مع بلدان الجبهة الأمامية، ليس فقط الأردن ولبنان وتركيا، بل أيضاً إثيوبيا وكينيا وعدة دول أخرى تؤوي الآن العديد من اللاجئين.
إذا ما شئنا إقناع اللاجئين السياسيين بالبقاء في بلدان العبور، فيجب أن نوفّر لهم معيشة لائقة، مع فرص واقعية للحصول على الغذاء والرعاية الصحية، والعمالة المؤقتة، وتعليم أطفالهم. وهناك أعمال إضافية يجب القيام بها في سورية من خلال إقامة مناطق إنسانية مقبولة من جانب كل الأطراف.
هذه الجهود يجب أن تُستكمل عبر التطرق إلى جذور المشكلة عبر إنجازات محددة. في العراق وليبيا وسورية، يتعيّن زيادة وتيرة الجهود الدبلوماسية بين الشركاء الدوليين، بناء على ما حققته الأمم المتحدة. كما يجب إشراك القوى الإقليمية الرئيسة، التي قاومت حتى الآن تقديم أي تنازلات حقيقية، في هذه الجهود. ثم: لماذا لا تتم استضافة مؤتمر دولي مكرّس لأمن كل الشرق الأوسط؟ إن مثل هذا المؤتمر سيتطرق إلى الأزمات الراهنة ومختلف الأزمات الإقليمية بهدف إقناع الدول المتنازعة في المنطقة بالانضمام إلى صفقة متوازنة، آخذين في عين الاعتبار مصالحهم القومية المتباينة. وفي هذا السياق، يمكن للأزمات الأخرى في اليمن وشمال نيجيريا ومنطقة الساحل أن تفيد من اهتمام مماثل، لأنها كلها قد تزيد من وتيرة تدفق اللاجئين.
العمل على القبض على جذور الأزمة، يعني أيضاً بذل بعض الجهود الجدية لتوفير آفاق اقتصادية للاجئين من أفريقيا وجنوب آسيا. كما أن تحسين دورة تحويلات العاملين إلى ذويهم، وإشراك الشتات في الاستثمارات المنتجة في بلدان المنشأ، ودعم صغار أصحاب المشاريع، وبشكل أكثر عمومية وضع برامج مكرَّسة لخلق الوظائف حيث تتواجد جاليات اللاجئين راهناً أو حيث يمكن إعادة دمج المهاجرين حين يعودون إلى أوطانهم؛ كل هذه الخطوات يجب أن تحظى بالتشجيع كدليل على استعداد المجتمع الدولي لمواجهة تحديات الهجرة.