بسبب علاقة مشبوهة، قيل حولها الكثير، بين ضابط فرنسي اسمه جورج دانتس أثناء وجوده في موسكو، كان من أشد أعداء الثورة الفرنسية، وبين زوجة الشاعر ألكسندر بوشكين، انتهت بطلب الشاعر من خصمه المبارزة، وبحسب بعض الروايات، فإنه وقبل أن تبدأ أطلق الضابط النار على بوشكين وأرداه قتيلا.
ذهب ألكسندر 1837 وهو في قلب شبابه وتحدّيه، كان في الثامنة والثلاثين، وبهذا العمر القصير كان قد صار أحد أكبر الشعراء في تاريخ روسيا، بل والعالم قاطبة، والأدباء العظام الذين جاؤوا من بعده حملوا كلماته وتأثروا بها، ستجده في ديستويفيكسي وتولستوي وغوغول، كما ستجده في كلمات العالم من أقصاه إلى أقصاه.
كان قد نُفي إلى القوقاز بسبب آرائه ومواقفه السياسية، هناك تعرف على المسلمين وثقافتهم، أحبهم وتأثر بهم وكتب عنهم، وعندما عاد إلى موسكو شهدت عودته حوارا مؤثرا مع القيصر، عبر بوشكين عن آرائه بشجاعة، اتهم الحكومة والنظام برمته بالفساد، واعتذر عن الاتهامات التي وجهها له القيصر، الأخير أجابه: لم يعد هناك شيء بخصوصك يا بوشكين، أنت حر، طليق. سأنسى الماضي، بل نسيته فعلا، أنا لا أرى أمامي مجرما بحق الدولة، لا أرى أمامي سوى إنسان يملك قلبا وموهبة، أرى مغني الشعب ومنشد مجده الذي يحمل رسالة سامية من أجل أن يلهب أرواح المخلصين، ومن أجل الإنجازات العظيمة. والآن، يمكنك أن تنصرف، وحيثما تذهب.. وحيثما تعيش، إذ إن الاختيار يتوقف عليك أنت، تذكّر ما قلته لك، وكيف تصرفت معك. اخدم الوطن بأفكارك وبكلمتك وبقلمك.
أحد أجمل دواوين الشاعر الروسي ألكسندر بوشكين هو ديوان الغجر، صدر عن دار ابن خلدون في بيروت 1982 بترجمة وتقديم جميلين لرفعت سلام، وأعيد نشره في مشروع مكتبة الأسرة بمصر 2010.
إليكم شيئا من هذه العذوبة المفرطة، في أغانيه الغجرية: في العزلة الكئيبة الباردة مرت الأعوام، الأعوام الوحيدة، محرومة من وجه الله، من الطموح، محرومة من الحب والحياة والدموع، وهذه ثانية: فلتصدح أغاني باخوس راعينا، ألا فلتعشن أيتها النساء والفتيات، أيتها الجميلات اللائي منحن الحب عن إرادة، فاشربوا يا أصدقاء اشربوا، مثلما أفعل أنا نفسي، وفي كؤوسكم فلتلقوا بلا مبالاة بالخاتم الذي تحبون، وهذه ثالثة: حزينٌ هو الدرب أمامي. الغناء والموسيقى ينامان في بحار المستقبل القلقة. لكني أيها الأصدقاء أنقبض من فكرة الموت، فأنا أريد أن أحيا، أن أعاني وأفكر، وأن أذوق الحزن والهمّ والاهتياج، بوشكين.