نايف الحميضي

لاحظنا في الآونة الأخيرة ومن خلال ما حدث على الساحتين المحلية والإقليمية، والتي وقعت مؤخرا في بلادنا وفي الدول القريبة والمجاورة من أعمال إرهابية وإجرامية وتخريبية مروعة، التي راح ضحيتها العشرات بل المئات من الأرواح والأنفس البريئة الآمنة، وأقصد بذلك ما حدث مؤخرا في أماكن ودور العبادة الطاهرة، التي يقصدها المسلمون الآمنون للطاعة والصلاة والعبادة، حيث لاحظنا بروز العنصر الشبابي وصغار السن فيمن قام بتنفيذ تلك الأعمال الإجرامية، واتضح ذلك من خلال تلك الأعمال البشعة التي قام بها أولئك المجرمون ومن سعى وراءهم وروج وساعد على القيام بتلك الأعمال الإجرامية والإرهابية المروعة، التي كان غالب أو جميع منفذيها من فئة الشباب وصغار السن الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والخامسة والعشرين أو الثلاثين.
وهذا إن دل فإنما يدل على خُبث ودناءة وقذارة من خلفهم ومن غرر بهم وزج بهم في تلك الأعمال القذرة البشعة، وهذا بالتأكيد مؤشر واضح على تخبط وضياع من وراءهم ودليل قاطع على إفلاس أولئك المخططين الكائدين لهذه البلاد الطاهرة، ولجميع الدول الآمنة المستقرة، ولشعوبها الشريفة، ولحقدهم وكرههم للإسلام وعلى المسلمين أجمعين والاستماتة في سبيل التفريق وزرع الفتنة فيما بينهم، ولكن الله فضحهم وأحبط أعمالهم، وأفشل مخططاتهم الخبيثة.
لاحظنا ولله الحمد والمنة، زيادة اللُحمة وقوة التماسك والتعاضد بين أبناء شعبنا في تلك المحنة، وزيادة التقارب والتلاحم والتعاون بينهم، شعارهم هو لا طائفية ولا مذهبية بين شعب المملكة العربية السعودية، فنحن شعب واحد وديننا واحد وربنا واحد، وهذا من فضل الله جل وعلا ثم بوعي أبنائه البررة المخلصين، وبفضل العمل المتواصل والتعاون البنّاء والتواصل المستمر فيما بينهم، وبين القيادة الحكيمة والحكومة الرشيدة التي لم تأل جهدا في تسخير كافة الإمكانات الأمنية والمادية والبشرية المطلوبة في سبيل حماية أمن هذا البلد الغالي من عبث العابثين وكيد الكائدين، الذين يحاولون بشتى الطَرق النيل من شعبه والعبث بمقدساته وثرواته، ولكنّ الله لهم بالمرصاد، حيث هيأ الله لنا قيادة حكيمة وواعية، وشعبا أبيا متعاونا ومتلاحما، متعلما ومثقفا، يعي ما يُحاك ويدبّر له من أصحاب الفكر الضال والمارقين، لذلك نجدهم تصدوا لتلك المحاولات الفاشلة بكل حزمٍ وعقلانية، مما كان له أكبر الأثر في قمع أصحاب الفكر الضال والإرهابيين المفسدين المغرر بهم، ولقنوهم درسا قاسيا لن ينسوه أبدا.
مما وقع وحدث، يتضح النية الخبيثة والمحاولة الفاشلة في التخطيط لزعزعة أمن وطننا الغالي عبر تفجير أماكن العبادة والصلاة، ولكن الله أفشل مخططاتهم، وفضح أمرهم، بفضل الرجال المخلصين، الذين وقفوا لهم بالمرصاد، وصدوهم وقضوا عليهم، ونالوا جزاءهم الدنيوي، وفي الآخرة لهم من الله غضبه وأشد عقابه وعذابه، واستحقوا عقاب الله فيهم، قال تعالى (ولا يحيقُ المكرُ السّيئ إلاّ بأهله)، فهؤلاء الضالون الذين أرادوا المكر للوطن وأهله، وأعدوا لذلك عدته، قد لحق بهم مكرهم بالسوء والوبال عليهم، وفُضِح أمرهم، وهذه من سنن الله عز وجل وتدبيره في خلقه، فالذين يمكرون ويخادعون ولا يرجون رحمةً بصغير ولا رأفةً بكبير، يكون جزاؤهم بأن يجعل الله كيدهم في نحورهم ويرد مكرهم السّيئ عليهم.
إن من الواجب على مجتمعنا عامة وعلى كل أب خاصة، أن يحرص على تربية أبنائه تربيةً صحيحة سليمة، ومراقبة سلوكهم وتصرفاتهم ومعرفة رفقائهم وأصدقائهم، وتحذيرهم من الانجراف نحو أعمال الغلو والتطرف والانحلال، التي تؤدي بهم إلى الوقوع في مصائد أصحاب الفكر الضال والإرهابيين المجرمين، وكذلك الحرص التام على تعليمهم وتثقيفهم في أمور الدّين وتوجيههم لسلوك منهج الوسطية السمحة التي جاء بها الإسلام، كما قال تعالى في كتابه الكريم (وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً) أي عدلاً لا إفراط ولا تفريط.. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصلح أبناءنا وبناتنا وأن يرد عنا وعنهم كيد الكائدين، وأن يجعل كيد أولئك الضالين المفسدين في نحورهم. إنه على كل شيء قدير.