هل يعدّ بلد كسورية بلدا مستقلا ذا سيادة، أم أنه بلد محتل تحت الاستعمار؟
لن نجيب عن هذا السؤال وفقا لعواطفنا، بل انطلاقا من المفهوم الحقيقي للاستقلال بعدما كان هذا مستعمرا لبلد آخر.
في البدء، لن أتمنى الاستعمار لأي بلد عربي مهما كانت الظروف، لكني أسأل: ما الذي يجعل بعض الدول لا تملك سيادتها، وغير مستقلة بمقاييس الاستقلال كما هو متعارف عليه في الفكر السياسي الدولي؟ كما هو تعريف الاستقلال حسبما أفاضت به منظمات كثيرة: وحدة قانونية دائمة تتضمن وجود هيئة اجتماعية لها حق ممارسة سلطة قانونية معينة على أمة بلد مستقرة فوق إقليم محدد، وهذا التعريف لا يناقض فهمنا بأنه -أي الاستقلال- تحرر شعب ما من نير الاحتلال والاستعمار، ويضيف المختصون بأن يكون البلد يحكم أمره بنفسه، أي عبر مواطنيه الذين ينتمون إليه، وفي ظل ذلك نعود إلى ما بدأنا به لنسأل: هل سورية بلد مستقل؟
هنا علينا ألا نخلط بين التبعية والاستعمار، فالأولى ربما تكون وفق مصالح اقتصادية وسياسية وحتى طائفية، لكن البلد تَحكم وتأخذ قراراتها من قادتها أو شعبها اللذين ينتميان إليها أرضا ووطنا، لكن قوة دولة أخرى تصبح نافذة حد التأثير فيها، والعراق مثال ظاهر، وما هو عليه من تبعية مطلقة لإيران.
ولكن سورية تجاوزت الآن مرحلة التبعية ليستقر الآخرون داخل أرضها وليصبحوا أصحاب القرار والعمل، بل وتحديد مصير السوري نفسه نظاما وشعبا، وبكلمات أكثر دقة، فسورية الآن تحت الإدارة الإيرانية قرارا وفعلا وتقتيلا، إذ وجدت فيها فرصة للتوسع الطائفي الكامل، وعليه فإنها بلد محتل، وما يحدث هناك ربما يكون تجاوز الاستعمار إلى ما هو أشد وطأة، لا سيما وأنه إخضاع الشعب بالقوة والسلاح لاستعباد الأجنبي، وجعله تحت سيطرته واستغلاله، ومن ثم تغييره كاملا.
ليس لنا أن نوضح أكثر، فالمشهد قائم، فنظام بشار أصبح داخل صندوق مغلق ليس له إلا أن ينتظر الأوامر، فالإيرانيون قاموا من جراء أنفسهم بتفكيك الجيش السوري وتحويله إلى ميليشيات رغم أن هذا أغضب القادة السوريين الكبار، وليس هذا فقط، بل إنهم وبقرار طهران وحدها بدأت تستبدل ديموغرافية بعض المدن كما تفعل في الزبداني بتهجير أهلها السنة وإحلال شيعة أفغان وعراقيين بدلا منهم، بل إنها من يسمح لقوات أجنبية كما هي بعض الجيوب العراقية وحزب الله اللبناني بالوجود، وكلاهما كما الجيش السوري تحت القيادة الإيرانية!
بعد هذا كله لن نستطيع أن نقول إن سورية بلد مستقل، بل تحت نير الاحتلال، ولن نستغرب إذا ما تغيرت تركيبتها السكانية ومساجدها، وربما يطال الأمر لغتها وفقا لرغبة المستعمر.