أماطت هيئة الآثار بصنعاء اللثام عن لغز التفجير الذي قامت به جماعة الحوثيين في يونيو الماضي ببعض المباني في حارة القاسمي بصنعاء القديمة، مشيرة إلى أنها عثرت على كنوز أثرية تعود لحقبة ما قبل الإسلام في بعض المباني التي تعرضت للتفجيرات، كما وقفت على آثار حفريات في منازل أخرى، دون أن تعثر على أي قطع أثرية.
وأشار خبراء آثار إلى أن الجماعة المتمردة لجأت إلى إحداث تفجير في المنطقة حتى تتسبب في إحداث تصدعات بمبانيها القديمة، وتوحي لساكنيها بأنها على وشك السقوط، ومن ثم تقوم بترحيلهم إلى مناطق أخرى، ليخلو لها الجو وتقوم بالاستيلاء على الكنوز الأثرية.
وكانت حارة القاسمي وبعض الحارات القديمة الأخرى قد شهدت في يونيو الماضي حوادث تفجير متعددة، قامت بها الجماعة المتمردة التي قصفت المنازل بالصواريخ، وزعمت أن طائرات التحالف هي التي قامت بذلك القصف، إلا أن قيادة التحالف نفت في وقتها أن تكون قد استهدفت المنطقة، وقدمت ما يثبت عدم قيامها بأي غارات جوية في صنعاء في ذلك التاريخ.
أياد آثمة
أكد شهود عيان أن مجهولين كانوا يدخلون في ساعات متأخرة من الليل إلى المباني التي تعرضت للقصف، وأن سكان المناطق المجاورة كانوا يسمعون أصواتا ناتجة عن عمليات حفر، وأن بعض المسلحين كانوا يقفون على مداخل المنطقة ويمنعون أي شخص يحاول الاقتراب من تلك المنازل.
من جانبها، أكدت مصادر محلية أن عمليات الحفر كان يقوم بها تجار ومهربو آثار على صلة بشخصيات نافذة في الجماعة الانقلابية، وأن ذلك العمل كان يتم تحت بصر سلطات الاحتلال الحوثي، بدليل وجود عناصر حراسة تتولى توفير الحماية الأمنية لهم. وأضافت المصادر أن التحف والآثار المسروقة لا تقدر بثمن، وأن مجهولين يتولون عمليات تهريبها وتسليمها لآخرين يقومون ببيعها في الخارج، ومن ثم تحويل أثمانها لحسابات مصرفية تعود لقيادات في الجماعة المتمردة.
وكانت أصابع الاتهام قد وجهت خلال الفترة الماضية للمخلوع علي عبدالله صالح بالاستيلاء على كميات كبيرة من الكنوز الأثرية النادرة والاحتفاظ بها في قصوره، وكشفت مداهمة الثوار لقصره في عدن بعد تحريرها عن وجود كميات من التحف التي لا تقدر بثمن.
سرقة التاريخ
أكد الأكاديمي المهتم بالتراث الدكتور سليم الحسني أن ما تقوم به جماعة الحوثيين يعد جريمة متكاملة الأطراف، حيث يستولي عناصرها على قطع أثرية تشكل جزءا من تاريخ اليمن ويقومون ببيعه في الخارج، وهو ما يشكل تعديا على أهم ما تمتلكه البلاد وهو تاريخها وحضارتها، وأضاف في تصريحات إلى الوطن الجماعة المتمردة لجأت إلى سلب أعز ما يملكه اليمنيون وهو تاريخهم وحضارتهم وثقافتهم، فاليمن عُرفت منذ القدم بأنها أرض الحضارات ومهد الثقافات وبلاد التاريخ وتحتوي بلا شك على مواد وقطع أثرية تحكي تاريخها التليد، وإذا كانت بعض الدول تفاخر بإمكاناتها المادية فإن اليمن يفاخر بتاريخه وحضارته الضاربة في القدم.
وأضاف الحسني لا بد للحكومة اليمنية أن تتحرك على وجه السرعة، وأن تشكل فريقا من المختصين لمتابعة هذه الآثار، ومعرفة الأماكن التي تم تهريبها لها، وكف أيدي هؤلاء المتلاعبين، وهناك الكثير من الجهات الدولية التي يمكن أن تساعد في هذه الجهود، فقضايا الآثار والقطع التاريخية لم تعد قضايا تخص الدولة لوحدها بل هي رصيد إنساني يتشارك العالم بأسره في الحفاظ عليه ويمنع العبث به أو سرقته.