كثُر الحديث في منطقة جازان عما بات يُعرف بـ(دمار أبوعريش)، يقصدون تراكم القمائم وانتشار الحُفر في الطرقات والأزقة بفعل سوء تنفيذ مشاريع السفلتة التي سمحت للأهالي لأنْ يقولوا عنها: إنها لا تحتمل رشّة مطر خفيفة ولا حتى السير عليها بالأقدام فكيف بعجلات السيارات والشاحنات؛ ناهيكم عن حفريات مشاريع البنية التحتية التي تركها المقاولون للأقدار على مر الأيام والسنين، حتى أمست مصائد لالتهام المارة على حين غفلة منهم أو ربما من المسؤولين، فضلا عن إغلاقها الطرق الرئيسة لخلق المزيد من الزحام داخل الأحياء، الأمر الذي سَيُمكّن مدينة أبوعريش من الدخول بشكل عاجل في موسوعة غينيس للمعاناة القياسية. هذه المعاناة أصبحت تُشاهَد في كل بيت عبر اليوتيوب الذي نشرته منتديات أبوعريش باسمٍ صريحٍ بيّنٍ لا مستعارٍ مختبئ. اتصلت بسعادة محافظ محافظة أبوعريش الأستاذ الفاضل محمد بن لبدة، وسألته سؤالا واحدا: ما سِرّ هذه المعاناة؟، فأجاب بكل شفافية وصدق، مع حرصه على تبيان بعض التفاصيل التي قد تساعد في وضع حلول لهذه المعاناة؛ حيث وجدت أن سياسة إرساء المشاريع ـ على المقاول الأقل عرضاً (أي الأضعف) ـ أسلوبٌ لا يخدم الجودة ولا يتوافق وحجم العمل، ولا زمن التنفيذ، مع علم المقاول أنه غير قادر على الوفاء بالشروط المتفق عليها في العقد؛ عوضاً عن الشح في عدد المؤسسات العاملة، ما يجعل مؤسسة واحدة تقوم على تنفيذ أكثر من مشروع في وقت واحد، مما يزيد في حجم المعاناة التي يكابدها المسؤول والمواطن معاً؛ إلا أنني أعتب على المسؤول الذي يتسلم من المقاول عملا منقوص المواصفات، كما أعتب على النظام الذي لا يُجيز لنفس المسؤول أن يحسم أكثر من 10% من المقاول حيال تقصيره، مما يتيح له فرصة ضمان المكسب مع سوء الأداء. إن الجهد الذي يبذله سمو أمير المنطقة والوقت الذي يواصل فيه الليل بالنهار من أجل الرقي بخدمات المنطقة، يواجه بالخذلان ممن أخذوا على أنفسهم عقوداً وعهوداً لم يفوا بها.. غير أنه يثير إعجابنا ككتاب، حرص سموه على دور الصحافة في إظهار مكامن الخلل، مرحباً بشفافية الحوار من أجل الرقي بالمنطقة، كما جاء في حديثه إلى رئيس التحرير الأستاذ جاسر الجاسر.