باستغراب كبير يسألني صديق من خارج البلاد عن أصوات النشاز والشماتة التي نشطت بقذارة فائقة بعد حادثة منى، ثم يجيب نفسه وهو غير المطلع على تقاطعات الخبث وغير المدرك بخفايا المكر بأن تلك الأصوات لا تبدو طبيعية على الإطلاق، يجيب نفسه ثم يسهب في شرح جهود الحكومة السعودية مذ وجدت لخدمة ضيوف بيت الله الحرام في كل وقت وفي موسم الحج على وجه الخصوص، وهي الجهود التي يقول عنها تحديدا هي مضرب مثل وعلامة فارقة نظرا لمدة الشعيرة وعدد الحجاج الهائل في الموسم الواحد، والتي لا ينكرها سوى مختل أو حاقد أو فاقد لحواسه الخمس.
ولصديقي العزيز أقول إننا وبالتجربة المتعددة اكتسبنا مهارة فائقة في التفرقة بين النقد وبين الأمر الآخر، الذي هو للبلبلة أقرب من أي شيء، مهارة نفحص بها وجوه الشامتين، نميز بها الخبيث من الطيب بعد كل حدث، ونقيس من خلالها مدى الحقد المتوغل على هذه البلاد وأهلها داخل تلك الأنفس المريضة، ثم نتسلى أخيرا على كمية الغباء والسذاجة التي تحويها تلك التصريحات التي نستخدمها فيما بعد كـنكتة تلاحق صاحبها بالعار والتي جاء آخرها على لسان أحدهم حين زعم أنه يتكفل بتنظيم موسم الحج بضغطة زر واحدة!
ولصديقي، فإنه من العجائب، والعجائب جمة، أن تخرج علينا ذات الوجوه الشامتة هذه الأيام بمطالباتها الحمقاء بتنظيم مواسم الحج، وهي التي لم تستطع تنظيم طابور واحد من طوابير أجندتها المعارضة، ولم تستطع النهوض من أزماتها الاقتصادية المتلاحقة، بل لم تقدر على الخروج من مأزق أكوام النفايات التي تغطيها!
ولصديقي المنصف فإننا أيضا اكتسبنا حصانة ضد هذا النوع من الهراء الذي يُعري صاحبه دوما، حصانة تجعلنا نتجاوز ذلك كله للبحث عن أسباب المشكلة وتحديد مكامن الخلل والعمل على تلافي الخطأ مستقبلا، نفعل كل ذلك ونحن نضع أمام أعيننا راحة ضيوف الرحمن وسلامتهم.