الرياض: الوطن

آمال عريضة يحملها قادة أميركا اللاتينية خلال مشاركتهم في القمة التي تنطلق في الرياض اليوم، إذ يطمحون إلى وعود رسمية لزيادة عقود الاستثمارات السعودية في مجال الزراعة، واستغلال الثروات الطبيعية الهائلة التي تمتلكها دولهم، مقارنة بعدد سكانها المنخفض. وتخطط تلك الدول لفتح أسواق جديدة في دول الخليج العربي، بصفتها من الاقتصادات الواعدة التي تتمتع باستقرار اقتصادي وسياسي جعلها قبلة للاستثمار العالمي، في حين تسعى دول الخليج إلى زيادة التنسيق مع أميركا الجنوبية في المجال السياسي، ومواصلة البناء على الأرضية التي تشكلت في وقت سابق.


يحمل المشاركون من دول أميركا الجنوبية في جعبتهم أجندة مثقلة بالآمال والمشروعات الطموحة، في مقدمتها الاستثمار في قطاعها الزراعي، حتي تعود لسابق عهدها، كإحدى أهم سلال الغذاء بالعالم في الألفية الثالثة. ووفقا لمعهد التعاون الزراعي، فإن لدى أميركا الجنوبية 42? من الطاقة الإنتاجية الفائضة في قطاع الزراعة في العالم.
وعبر سلسلة من الدراسات أجريت في السنوات الخمس الماضية – حسب موقع المستثمر اللاتيني في 26 مايو الماضي – فإن التوقعات الدقيقة تشير إلى أن الأمل يكمن في الاستثمار السعودي بقطاع الزراعة، حيث إن خريطة المسح الاستثماري العالمي أظهرت أن لدى أميركا الجنوبية نسبة أقل من 10% من السكان في العالم، وما يقرب من 30% من إمدادات المياه العذبة، وحوالي 30% من الأراضي الزراعية الصالحة للاستثمار والشراكة مع الغير. 


فرص ذهبية لاجتذاب المستثمرين السعوديين
في بعض الأحيان تخفي الأرقام والإحصاءات الحقائق عن المستثمرين، ولكن في حالة السعودية ودول أميركا الجنوبية فإن الأرقام تقول كل شيء: تعداد السكان في العالم يتزايد بشكل كبير وفي حالة نمو مستمر، مما يجعل الطلب على الغذاء في تزايد مستمر، وهذا يضع دول أميركا الجنوبية من جديد في دائرة الضوء ومركزها في المستقبل المنظور، والمملكة ليست فقط أكبر خزان للنفط في الشرق الأوسط والعالم، إنما الاستثمار السعودي هو الأفضل على الإطلاق حيث إن لدى دول أميركا الجنوبية فرصة ذهبية الآن قد لا تتكرر، لاجتذاب المستثمرين السعوديين ولصياغة شراكة الجنوب الاقتصادي في العالم الجديد.
فإذا كانت دول أميركا الجنوبية، من الإكوادور إلى أميركا الوسطى، لديها اتفاقيات التجارة الحرة الجديدة مع الاتحاد الأوروبي. وإذا كانت صادرات أميركا الجنوبية إلى الصين قد ارتفعت خلال العقد الماضي، فإن نمو الإنتاجية في مجال الزراعة في أميركا الجنوبية من أدنى المعدلات في العالم، وهذا يعني أن هناك الكثير الذي يجب عمله لتحسين هذا القطاع الحيوي عن طريق اجتذاب رؤوس الأموال السعودية والمستثمرين الكبار.
لقد أدى انخفاض أسعار صادرات السلع الغذائية منذ خمس سنوات 2010 – 2015، وفقا لمنظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمزارعين في دول أميركا الجنوبية على المدى القصير، وهذا يؤكد أن الوقت قد حان لفتح مجالات الاستثمار في القطاع الزراعي، لاسيما في القمة التي تنطلق اليوم بالرياض.

 

تعزيز الشراكة لتصبح قوة عالمية
منذ عام 2005، انعقدت ثلاث قمم لأسبا، حضرها القادة العرب، وقادة جميع دول أميركا الجنوبية. وتم الاتفاق على زيادة التعاون، ووضع جداول أعمال مشتركة بشأن قضايا، مثل إصلاح الأمم المتحدة، وإنشاء آلية موحدة للتفاوض مع المنظمات السياسية والاقتصادية الدولية، للحد من الفقر، ومجابهة السياسات المتبعة مع منظمة التجارة العالمية.
وصرح الرئيس التشيلي، ميشيل باشيليت في قمة الدوحة 2009، بأنه يجب أن يظهر قادة دول أميركا الجنوبية والعالم العربي أمام شعوبهم والعالم، بأنهم على قلب رجل واحد، وهم يسيرون جنبا إلى جنب لبناء عالم أفضل يسوده السلم والتفاهم والتقدم.
من ناحية ثانية، لعبت المصالح الاقتصادية والمالية لأسبا دورا مهما على مدى السنوات العشر الماضية، حيث تضاعفت التجارة بين دول أميركا الجنوبية والعالم العربي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، وشهدت البرازيل وحدها، على سبيل المثال، زيادة في تجارتها مع الشرق الأوسط من ثماني مليارات دولار إلى أكثر من 20 مليارا في بضع سنوات، وفقا لوزارة الخارجية البرازيلية.
وربما كان العامل الأكثر أهمية في تعميق العلاقات بين العالم العربي ودول أميركا الجنوبية هو مفهوم الجنوب، والتعاون الشامل بين الدول النامية لتتحول إلى واحدة من أهم القوى الدولية الفاعلة في العالم، لتطوير التجارة والتعاون التقني، وكسر التبعية الاقتصادية التي فرضتها القوى الصناعية التقليدية. وبالمثل، فإن بلدان أميركا الجنوبية والعالم العربي تسعى معا في الألفية الثالثة لتوسيع الأجندة الجيوسياسية المشتركة، والهدف الأبعد هو تعزيز الشراكة في أسبا لتصبح قوة عالمية في عالم متعدد الأقطاب والجهات العالمية الفاعلة، أما الهدف الأعمق فهو: إقامة توازن أكبر يحقق الإنصاف في العلاقات الدولية.


أسس وركائز
تمتلك دول أميركا الجنوبية وفرة في الأسس والركائز الداعمة للقطاع الزراعي الذي يحتاج إلى ظروف مناخية وبيئية ملائمة، حيث تتوزع أراضيها بين السهول والغابات والمناطق الساحلية والجبال، وهذا التنوع جيد للمزارعين، حيث يمكن زراعة أي منتج تقريبا، وعلى سبيل المثال تعد الأرجنتين أهم منتج رئيس لفول الصويا في السوق العالمي، وفي الجنوب حيث المنحدرات الباردة من جبال الإنديز توفر الظروف المثالية إنتاج الكروم، وفي الشرق حيث الجبال والسهول والبراري المعتدلة تحتضن الأرجنتين، والبرازيل، وباراجواي، أخصب الأراضي لتربية الماشية، والثروة الحيوانية، وزراعة الحبوب على تنوعها.