دعونا نفرّ الشريط للوراء قليلا، وننتقل عبر آلة الزمن الفنية إلى زمن الكاسيت، ونقلب في علبة أشرطة، وعلبة أسماء، وعلبة تساؤلات، حول الأغنية الشعبية.
الأغنية الشعبية الآن متوفاة دماغيا، وزمنيا، وهي التي كانت تتسلل إلينا على أصابع قدميها، ثم تدخلنا من أوسع الأحباب.
كان مزعل فرحان في وقت ما، يلعب بأرقام المبيعات مثلما يلعب بها محمد وطلال، وكان خالد عبدالرحمن في وقت ما، ووقتٍ ماء، يهزّ الساحة الفنية، رغم أنه في نهاية المطاف، مطرب شعبي.
أتساءل دائما وأقول: من قتل الأغنية الشعبية بسكّين الغياب والتهميش واللامبالاة؟ ومن كسر صوتها الذي كان يملأ مسامع الثمانينات، ويضج في حارات المدن، وفي السيارات، في زمن الفن الشعبي الجميل إلى حد تأثيره البالغ في الوجدان الشعبي، حتى صرنا نقرأ كلمات الأغاني الشعبية على جدران المباني، مثلما نقرأ على نفس الجدران عبارة الحب عذاب، ورسمة قلب اخترقه السهم؟.
جاهل وفارغ وأجوف، من ينظر إلى الفنان الشعبي بنصف عين، فلم نعرف مصر حق المعرفة إلا من خلال أغاني الشيخ إمام، وأغاني المطربين الشعبيين، من أحمد عدويّة حتى سعد الصغيّر.
يا أيها الوعي، أفسدت ذوق المُغنّي.