ظهرت في الآونة الأخيرة موضة قذف النساء في وسائل التواصل الاجتماعي، من أشخاص محسوبين على التدين والمتدينين، ولعلك تذكر قصة التضييق على البائعات المحصنات ممن افترشن الأرصفة! بدلا من جمع التبرعات لإيوائهن في محال تستر عورة الفاقة ومرارة الحاجة! يمرون عليهن مصبحين! غير عابئين ولا مكترثين! إلا لعينين ذابلتين أبت... إلا عزة وكرامة! ظهرتا بخبر عن النبأ العظيم! أن نساءنا أتقى من بعض المُنظرين العاطلين!
فمن كان طبعه تتبع العورات وهتك الأستار! فسيقرأ الدين من منظوره وشخصيته التجسسية البوليسية!
نشيط في العبادات! لئيم في المعاملات! ولعل ذلك المقصود من حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، فلا يعرف الفرق بين الصفتين إلا ثلة من الأولين وقليل من الآخرين.
فمن كان العنف طبعه والقتل مبتغاه، وجاء التسلط على هواه! فلن يرى في الموروث سوى غلظة الطبع وشدة السيف! فيهلك الحرث والنسل ويمعن في الحرق والقتل، مبررا طبعه وما اشتهت نفسه بالآيات والأحاديث مجادلا بهما. ما يعجز الجاهل عن رده!
فصدق من قال لابن عباس، رضى الله عنهما، لا تحاجهم بالقرآن فإن القرآن حمال أوجه، ولكن حاجهم بالسنة.
فمن عقِل ووعى سيرة سيد الخلق رقيق الطبع، سهل المدمع، خجول كالبكر في الخدر! فستجد مراسيه عند آيات وسعت رحمتي كل شيء/ ولو كنت فظا غليظ القلب/ لست عليهم بمسيطر/ من شاء فليؤمن/ أن تبروهم وتقسطوا إليهم/ ولا تعتدوا/ ولا تجسسوا، إلى نهاية عشرات الآيات التي ترسم صورة معاملات وأخلاقيات المسلمين بعيدا عن التنطع والتطرف.
فالتدين لا يغير شخصية الإنسان! وإنما سيوضح أجمل ما فيك! أو يُظهِر أسوأ ما فيك!
كُلا نُمِد هؤُلاءِ وهؤُلاءِ مِنْ عطاء ربك وما كان عطاء ربك محْظُورا.
كالشماغ الذي يبين لنا تفاصيل شكل الرأس الذي يغطيه! فمن كان رأسه مشوها، ظهر تشوه دينه!، ومن كان رأسه ضيقا غلب عليه التقليد وأعرض عن الاستنباط والتجديد!
فإن توقف علماء العالم الإسلامي عن الاستنباط بما يسهل على العباد.... فسيتحول الدين تدريجيا إلى فقه لا يقبل الواقع.. حتي يعود الدين غريبا كما بدأ.