بين ثنايا، بل براكين، النقاش المجتمعي الصاخب هذه الأيام حول الانتخابات البلدية، وفي مجلس سمو الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، يطلب مني ثاني أقدم مرشح منتخب للمجلس البلدي بمدينتي، الأخ الصديق عبدالعزيز بن سعود المتحمي، دراسة فكرة الترشح لعضوية المجلس، سأكذب على قواعدي ونفسي إن قلت إن الفكرة لم تلعب برأسي منذ اليوم الأول لأول مجلس بلدي، ولكنني خائف وجل من خوض المعارك المحسومة النتائج. يحتاج مرشح المجلس البلدي إلى ثلاث قوى دفع نفاث لا أملك منها في هذه المدينة ثلث صاروخ واحد: يحتاج أولا، إلى دفع مدرسة فكرية، وكلنا يتذكر قوائم الذهب والألماس التي اغتالت انتخابات أول فكرة انتخابية، وهذا ما لا أملكه. يحتاج ثانيا، إلى الحشد الخاص وأنا الغريب على أديم هذه المدينة، لأن نفوذ أسرتي الخاصة ودائرتها الشعبية تقبع على بعد مئة كيلومتر إلى الشرق، وفي سراة عبيدة، وحتى هناك... تبدو المقاعد محسومة لعضو الهيئة ومنسوب مركز دعوة الجاليات وموظف المحكمة الشرعية، وكأن هذه السراة الغالية إلى القلب تنافس على برنامج دعوي لا على مشاريع نظافة وشوارع وأسفلت وأرصفة. يحتاج ثالثا، إلى التمويل اللازم، كي يرفع صورته وجملته الانتخابية على الأقل في ست لوحات دعائية على الأقل من الدرزن الكامل لمداخل هذه المدينة، ناهيك عن الخيمة الانتخابية ولوازم العشاء والسهرة. هذا ما لا أملكه وحين انفض مجلس سمو أمير المنطقة، بادرني رجل أعمال بارز ليتبرع بتكلفة اللوحة الأشهر على المدخل الشرقي لأبها مقترحا على اللوحة مجرد الصورة مع كلمتين لا ثالث لهما كأيقونة انتخابية: اسمك يكفي.
هو لا يعلم مثلا، أن زوجتي الغالية تشتكي نهاية كل مساء من أنني رميت على كاهلها الضعيف في سنواتي الأخيرة بكل مسؤوليات عائلة صغيرة جدا من خمسة أفراد، وكل ما حدثتها عن أحلامي بدخول طاولة المجلس البلدي يأتيني الجواب الفوري: ما ألزيت خمسة أفراد كي تتصدى لأمانة نصف مليون مواطن بهذه المدينة...... أنا أعرف تماما أنها لن تصوت لي لو أنها من باب المستحيل سجلت اسمها كناخبة، ولو أنني، أيضا، من الباب الضيق جدا تقدمت للترشح إلى عضوية المجلس.
سأختم جادًّا صريحا: يؤسفني جدا جدا جدا أن يعترف 63% من أعضاء منتخبين إلى طاولات كل مجالسنا البلدية في الدورتين السابقتين أنهم فازوا في صناديق الاقتراع وهم لم يقرأوا أبدا قوانين المجلس وحدود صلاحياته وأنظمته واشتراطاته، أنا مثلا أفكر بالترشح دون أن أقرأ من هذه الصلاحيات حرفا واحدا وسأتقدم غدا، وفي اليوم الأخير، بأوراقي بشرط وحيد: أن أصحوا من النوم قبل صلاة العصر، بعد أن تنتهي الفترة.