لتكن داعش ماسونية، ولنقبض على كل الماسونيين الذين يقدمون لها الفتوى، والتبرير، ولتكن داعش صهيونية ولنحضر كل أدلتها الشرعية المنسوبة للصهاينة ولنفندها دليلا دليلا، ولا نقفز عن مرحلة حتى ننتهي مما قبلها
لا تقولوا إن للمناهج ذنبا في ظهور داعش، لا تقولوا إن أسهل من يغرر بهم هم أبناؤنا، لا تقولوا إن من أبناء هذا الوطن من يقف مع داعش قلبا فقط باعتباره (أضعف الإيمان)، كل من يقول لنا هذه (اللاءات) نقول له بشكل صريح ومباشر: لك ذلك، لكن أجب عن هذه التساؤلات، ما موقفك من مشروع (الخلافة الإسلامية) ومحاولة تحقيقه على الأرض، وما موقفك من دولة الخلافة التي تدعو إليها داعش؟ وهل خلافك معها لأن البيعة للبغدادي لا تناسبك فقط، ويناسبك (شيخ) أو مرشح آخر؟ أم أن هناك إشكالات أخرى لا تستطيع الإفصاح عنها؟ أفصح وسنتعاون في تخريجها بالشكل الذي لن يورطك أكثر في الترافع عن داعش.
لنترك الاسم الرمزي لداعش ونعيد النطق باسمها بشكله الذي لا يغضب داعش فنقول: ما موقفك من (دولة الإسلام في العراق والشام) وهل أثار الاسم حنينا ما بداخلك يجعل اسم (المملكة العربية السعودية) لا يطربك ويضايقك؟ لا تخش شيئا، فنحن لا نطلب إجابتك، لكننا نريد تذكيرك أنك إن شعرت أن اسم (دولة الإسلام) يشدك أكثر من مسمى وطنك (المملكة العربية السعودية) فأنت متأثر بشكل ما بتوجهات داعش، وعليك مساعدة نفسك بما تشاء للخروج من هذا المأزق، لكنه ليس حلا أن تلقي اللوم في افتتانك بمسمى (دولة الخلافة) على الماسونية! أو حتى الصهيونية، فنحن جميعا نشعر بنفس الافتتان، والفرق أننا ندرك أن زمن الخلافة لا يعود، فالصحابة الذين عايشوا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ماتوا قبل أربعة عشر قرنا ولن يخلقوا من جديد، هي مجرد نوستالجيا/حنين، وأنت ما زلت عاشقا لتكرار حماقة جهيمان في ظهور المهدي على يديه.
هل نشق على قلوب الناس لنسألهم هل تنتمون إلى داعش، أو تتعاطفون معها؟ طبعا لا، ولكن من الأفضل وضع القوانين التي تؤكد للناس بكل مذاهبهم وأعراقهم أن اجتماعهم تحت قيادة موحدة في هذا الوطن سببه المكاسب الحقيقية التي يجنونها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وليس لأي سبب آخر، فلو توهم أحد أبناء الوطن أن اجتماع الناس عائد لسبب عقائدي طائفي، أو مناطقي، فيجب محاسبته إن حوّل اعتقاده إلى انتقاص من قيمة الآخرين بقول، أو فعل لأسبابه العنصرية التي يتوهمها. الوطن هو ما يجمعنا ويوحدنا تحت قيادة قبلت تنوعنا وتغير ألواننا وعاداتنا ومذاهبنا، وكانت البيعة لها بحثا عن نعمة الوحدة السياسية، لمردودها النافع لكل عاقل، وليس الوحدة العقائدية المستحيلة، فمن يشق على قلوب الناس وأفئدتهم، اقرأوا مخطوطاتكم القديمة التي تزخر بها كل منطقة في كل بيت عريق، وأعيدوا استنطاق مواثيق أجدادكم مع عبدالعزيز آل سعود، وهل في مخطوطة واحدة ما يثبت أنه أشار إلى فرض مذهب أو طريقة محددة يأطر الناس عليها؟ أم بيعة على الكتاب والسنة التي يسلّم بها كل مسلم في هذا الكيان المتنوع مذهبيا؟ حتى على مستوى أهل السنة أنفسهم ما بين مالكية وحنفية وشافعية وحنابلة، ومن يتوهم الاستفراد لمذهب من المذاهب، فعليه مراجعة مفاهيمه عن الديموغرافيا الدينية المذهبية لأبناء المملكة العربية السعودية من جديد، فحتى المذهب الحنبلي نفسه يرى فيه الشيخ النجدي من ترجيح الأقوال بخلاف ما يرى فيه الشيخ الحجازي، فلكل منطقة من مناطق المملكة عادتها المحكمة التي تعنيها ولا تعني المناطق الأخرى.
هيئة كبار العلماء في المملكة هي هيئة استشارية للفتوى، والفتوى ليست ذات طبيعة ملزمة، لا للحاكم ولا حتى للمحكوم، ولكنها ضرورة لضبط المرجعية الفقهية في القضايا السيادية خصوصا، أما الحاكم والمرجع السيادي في قرار الحرب والسلم وضبط الأمن وحفظ الكرامة فهو الملك من هذه الأسرة الملكية، وما عدا ذلك فمغالطات، تضرب السلطات ببعضها، لتختلط أوراق السلطة التنفيذية بالتشريعية بالقضائية، فلا يعرف العاقل حابل هذا من نابل ذاك، تلبيسا على البسطاء والسذج.
ختاما: عزيزي من كل التيارات والتوجهات والمذاهب والقبائل والأعراق هذا الوطن اسمه (المملكة العربية السعودية) نؤمن به لأنه قدرنا في التعايش السلمي لنا ولأبنائنا، لا نريد تغول بعضنا على بعض، والقوانين التي تمنع هذا التغول يجب أن نساعد الدولة في تفعيل الموجود منها، وإصدار ما نحتاجه إضافيا إليها، وأي فرقة يسرها تغولها على الآخرين سيأتي يوم وينقلب الآخرون عليها، والفيصل هو في نظام يحمي الحريات والكرامة ويحترم إنسانيتنا، ويحافظ على المسافات الآمنة بيننا لتحمينا من هيمنة الأغلبية على الأقلية أو العكس، ليصبح للكل (أقلية أو أغلبية) حقهم المحفوظ، وفق نظام محايد ليس له انتماء سوى أمن هذا الوطن وفق مظلة العدل التي تسري على الكبير والصغير.
فلتكن داعش ماسونية، ولنقبض على كل الماسونيين الذين يقدمون لها الفتوى، والتبرير، ولتكن داعش صهيونية ولنحضر كل أدلتها الشرعية المنسوبة للصهاينة ولنفندها دليلا دليلا، ولا نقفز عن مرحلة حتى ننتهي مما قبلها، إن كانت داعش ماسونية فالماسونية الداعشية تستخدم آيات وأحاديث نجدها في كتبنا، فكيف الحل مع هذا الغول الذي نلقي عليه كل أخطائنا بدم بارد؟
يقال في محاولة لتسخيف العقول إن كل المئات المقبوض عليهم في شبكات داعش بالداخل من هؤلاء الإرهابيين لهم علاقة بالماسونية، فهل من الضروري أن نذكر بأن فيهم كثيرا من أئمة المساجد والمعلمين؟ فهل يتكرم ويخبرنا المتحذلقون بأسطوانة الماسونية؛ ليفسروا لنا من أين استقى إمام المسجد -الذي يعرفونه- أفكاره، ومن أين استقى زميلهم المعلم المتطرف أفكاره؟ لأننا أيضا معهم نريد اقتلاع (الماسونية الملتحية) حتى ولو حملت المصحف وقامت بعد الصلاة بالوعظ، ثم أقنعت شابا بالآية والحديث ليدخل بين صفوف المصلين للتفجير.