تتجه الفنون إلى الانصهار، التجارب الثورية في الفن باتت تمازج بين كل شيء، انفتحت الحواجز بين الأجناس الأدبية، بفضل محاولات جسورة ومتراكمة لمبدعين مختلفين، الأدب انعكاس الحياة، أصبحت الأمور متداخلة أكثر فيما هو يومي وحياتي: السرعة، الإيقاع، الصخب، سيطرة اللحظة والخبرات المتداخلة العابرة للثقافات أوجدت عالما مشتركا، لذا كان الأدب انعكاس الحياة، لنكن أكثر تحديدا يبدو توصيف ومصطلح كالأدب أقل وأدنى من الإلمام والإحاطة بما هو حاصل ومتسق معه، لو جربنا وصفا اصطلاحيا بديلا كالكتابة لبدونا كمن يحاول حصر البحر في كأس، الكتابة عملية ميكانيكية في الغالب وما يحدث غير ذلك، الحياة شيء من هذا وشيء من ذاك، يبدو الفن محاولة شجاعة للتقدم أكثر نحو الدقة، الفن انعكاس للحياة، الفن هو الحياة، لا شيء يخلد الحياة ويرسم ملامحها ويلون أزمانها الطويلة كالفن، لا شيء يخلد ميراث الأمم وسيرة شعوبها إلا ما تركته فنا وموسيقى وغناء وشعرا، اليوم تبدو عملية الفرز والتصنيف أصعب، تتقلص التقنيات وتتركز أكثر، من الملاحم إلى الحكواتيين مرورا بالرواية والقصة والقصة القصيرة وربما قصة القصة لاحقا يمضي السرد، من سيرة الملاحم والمسلات وحتى التكثيف واليومي والهايكو والنص، والنص والمفتوح إلى النثر وربما نثر النثر مستقبلا يتحول الشعر، تصوغ بعض التجارب الجريئة آفاقا جديدة، وكل يوم يفنى جنس أدبي فني ويولد آخر، قدرتنا على اللحاق والرصد كنقاد ستبدو لهوا عبثيا،
ولكن من قال إن النقاد مهمون في هذه الحالة؟، من قال إن النقد بمجمله مهم؟ من قال إن فنا تاريخيا كالنقد يمكن له الصمود في وجه الإذابة الفنية الجميلة، ودوامة صهر الإبداعات العاملة بجد، وجوده على مسافة رصدية فاصلة لن يمنحه فرصة النجاة، تنفتح الأجناس والفنون والإبداعات على بعضها، وتتنوع الوسائل والأساليب لتغني الحياة وتمنحها ألوانا وأطيافا جديدة، استيعابها يحتاج وعيا مختلفا، وأدوات تذوق مغايرة، ودهشة غير الدهشات السابقة المألوفة.