من الكتب التي استهوتنا خلال مرحلة المراهقة كتاب الراحل أنيس منصور الذين هبطوا من السماء..
بغض النظر عما يُثار حول هذه النوعية من الكتب التي يراها البعض أنها تروّج للخرافات والأساطير، فقد كانت مادة الكتاب مشوقة، وتستفز العقل للتفكير والخيال!
تذكرت الذين هبطوا من السماء يوم أمس، وأنا أتابع قضية العنف الأسري الجديدة التي تعرض لها عدد من الأطفال في منزل والدهم في إحدى المناطق.
الأولاد يعيشون مع زوجة والدهم، بعد طلاق أمهم.. الصور التي ترافق الخبر تؤكد الاعتداء.. الأب ينكر التهمة ويقول إنها محاولة لتشويه سمعته!
- سأرتدي عباءة المحقق.. وأقول لكم: الأب بريء تماما.. زوجته هي الأخرى بريئة؛ ولأن القاعدة تقول لا دخان دون نار؛ فهذا الاعتداء قامت به مخلوقات فضائية قادمة من الفضاء.. ترتكب هذه الجرائم، وتعود من حيث أتت.. وعليك رغما عنك تصديق هذا.. لست أفضل حالا من وزارة الشؤون الاجتماعية التي صدقت هذه الفرضية، وعزفت عن متابعة القضية، وأعادت الأطفال إلى أبيهم وزوجة أبيهم.. وغير هؤلاء كثيرون تم إعادتهم إلى المكان ذاته الذي هربوا منه، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر قدوم كائن فضائي ليقضي عليه!
- هذه الوزارة سلبية نوعا ما.. حقوق الإنسان حبة بنادول.. والداخلية مشغولة بقضايا أهم.. لذلك سأتوجه بحديثي نحوكم؛ تيمنا بقول بشار بن بُرد: ولا بد من شكوى إلى ذي مروءةٍ.. يُواسيكَ أو يُسلِيك أو يتوجّعُ..
يحزنني جدا أن كثيرا من ضحايا العنف الأسري يبحثون عن الحماية من مؤسسات الحكومة والمجتمع.. ما الذي بقي لدى الأب من حنان وحب وعطف حينما تلوذ عنه فلذات كبده بالهرب؟ مهما كانت جريمتهم.. ثم لنفترض جدلا أن -الأب أو زوجته- منزوعا الرحمة.. أين دور الأقارب الآخرين؟.. فكر معي بثلث عقلك هذه المرة: أليس العُرف أن الفتاة حينما تتعرض للخطر أو الأذى تلوذ بحضن والدها.. فإن كانت يتيمة تلوذ بحضن جدها.. فإن عدمته، تلوذ بعمها أو خالها.. اسأل نفسك: أين اختفى هؤلاء؟!
- يبدو أن حديثنا عن الروابط الاجتماعية تكتنفه كثير من المثالية!