انتحار فتاة في دار الرعاية ليس الحادثة الأولى من هذا النوع، ولن تكون الأخيرة فما حقيقة دور الرعاية للفتيات؟ وما الدافع إلى انتحار إحداهن بمكان ما، سواء أكان دار رعاية أم أسرة مُعنفة؟
دور الرعاية في حقيقتها عبارة عن مساحة من المكان، أقيمت بشكل ما لتوضع فيها الفتيات اللواتي تعرضن للابتلاء الكبير في حياتهن، وهي في حقيقتها ليست إلا حجزا، ولكنها سميت دور رعاية بينما هي الوجه الآخر لمعنى حجز إذ إن أكثر المقيمات فيها مصابات بأمراض نفسية خطيرة نتيجة لكون المكان ليس إلا شكلا آخر من أشكال العذاب النفسي لهن.
دور الرعاية للفتيات حتى الآن تفتقد للكثير من مقومات الاستحقاق لمسمى دار رعاية، لننظر للقوانين التي تطبق بشكل عملي في دور رعاية الفتيات ونحكم أمام ضمائرنا فيما إذا كانت هذه القوانين تؤدي للانتحار، أو أنها تمثل درجة من درجات الرعاية والرحمة تجاه الفتيات المحتجزات داخل دور الرعاية، إنه وعلى ما توفره دور الرعاية من سقف يأويهن، وطعام، وحراس بالخارج لحمايتهن إلا أن أسباب الحياة والأمل في الحياة والإنصاف أمر مفقود في النظام العام لهذه الدور. كيف؟ بشكل ما الفتاة التي تدخل هناك تنطبق عليها مقولة الداخل مفقود والخارج مولود، فهي لن تخرج من ذلك المكان إلا بموافقة ولي الأمر من الدرجة الأولى، وفي الغالب يكون هو سبب هروبها، أو سبب تعنيفها، أي أن القرار بيد الجلاد وليس للضحية أي قانون ينصفها.
هناك أيضا بقية القوانين مثل بقاء الفتاة في دار الرعاية إن كان عليها حكم قضائي حتى تتم الثلاثين عاما، ثم ترحل إلى سجن النساء في حال استمر ولي الأمر في رفضه إعادتها إلى حياتها الطبيعية.
فتيات دور الرعاية ليس لديهن خيارات كثيرة، وليس لديهن قوانين تجعل من حياتهن أكثر احتمالا، هن سجينات، والعنف، والتفكك الأسري،  بعكس دور الرعاية المخصصة للذكور، إذ يحصلون على فرص الخروج ومتابعة حياتهم، بل إن المجتمع يعفو عنهم، ويمنحهم بطاقة خضراء للعبور، بينما تظل فتيات دور الرعاية رهينات الاكتئاب واليأس.