عندما لا تُحترم القوانين والأنظمة التي تنظم حياة الإنسان من الدهماء؛ فقد يبدو التماس العذر لهم مقبولا إلى حد ما بسبب الجهل، ويَلزمنا مضاعفة الجهود وتضافرها لتوعيتهم بمدى أهمية تلك القوانين في حفظ حقوقهم وعدم إهدارها.
بيد أن عدم احترام تلك القوانين والأنظمة وتجاهلها من شخصيات فرضت نفسها ومكانتها الاجتماعية على شريحة واسعة من فئات وفئام الناس، سيما أنها ليست بقوة المشعاب/ الصميل، بل من خلال سطوتها الثقافية والمعرفية، فهذا أمر مرفوض لا يقره الجهلاء فضلا عن العقلاء، وبناء عليه يلزمنا الوقوف بحسم وعزم في وجه من يحاول خرق هذه القوانين، أيا كان.
وقبل بيان ما أرمي إليه من المقدمة السابقة، أريد أن أوضح لأولئك النفر المتباكين الذين نراهم بين الفينة والأخرى يتكالبون على كل من أراد النصح أو التحذير من خطأ ما -حسب وجهة نظر بشرية تحتمل الصواب والخطأ- بذريعة الصغير والكبير أو ثقافة العيب الممجوجة أو قدسية ابتدعوها ما أنزل الله من سلطان لبعض الأشخاص عند نقد الأخطاء، بأنني لست بصدد الانتقاص أو الانتقاد لشخص بعينه أيا كانت صفته واعتباره، وإنما الحديث عن بعض التجاوزات لبعض أولئك الذين لا يلتزمون بالأوامر والتعليمات بمقتضى الأمر الملكي السامي المؤرخ في 7/ 11/ 1430، القاضي بعدم نظر المحاكم التابعة للوزارة في أي من القضايا ذات الطابع الإعلامي أو الثقافي، والمشمولة بعموم مصادر المادة الثقافية والإعلامية، وكذا المواد الثقافية والإعلامية الإلكترونية، وبالأمر ذاته أسندت مهمة النظر فيها إلى اللجنة الإعلامية المتخصصة في وزارة الثقافة والإعلام.
فوجئنا عبر بعض القنوات الإعلامية خلال الأسابيع الماضية بعدد من القضايا الإعلامية -للأسف- عمد أصحابها تقديمها إلى اللجان القضائية عبر المحاكم التابعة لوزارة العدل، وهي جهات لا يحق لها النظر في القضايا الإعلامية لأنها قانونيا غير مختصة ويجب رفضها منهم، وفي المقابل يُلزم أصحابها سحب جميع القضايا الإعلامية التي أقاموها ضد من أجحفوا بحقهم، بحسب قولهم، من المحاكم الشرعية إلى اللجنة الإعلامية جهة الاختصاص في وزارة الثقافة والإعلام بنص المرسوم الملكي الصادر في ذلك، أو يقومون برفع طلب إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، يطلبون فيه ضرورة إلغاء ذلك الأمر إذا كانوا يمتلكون الأسباب المقنعة والمنطقية لذلك، وألا يبتدعوا أمام شريحة واسعة من متابعيهم خرق القوانين أو تجاهل الأنظمة وتمييعها، فلا نريد أن نغدو أضحوكة تُسيرنا الأهواء نتيجة الأنا بطبيعة المتعصب الزِّميت، وليكن احترامنا للقانون والنظام -اللذين طالما أردناهما فوقا لا تحتا- التزاما بما جاء فيهما.