تنظيم إجراءات العمل الإداري، وفك أسره من المركزية الروتين أمران مهمان ومطلبان مُلِحان لإنجاز معاملات الناس، وقد أبدعت جهات حكومية في سرعة إنجاز المعاملات، وتشكر على ذلك، كما هو الحاصل في وزارة الداخلية في تيسير إجراءات الجوازات، الأحوال المدنية، وإدارة المرور، وكذلك وزارة العدل الممثل في مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء، وغيرهما من الجهات الحكومية.
والداعي إلى تحبير هذه المقالة هو تباطؤ بعض الإدارات في إنجاز المعاملات، حيث لا يمل ولا يكل بعض الموظفين من قولهم للمراجِع: راجعنا بعد أسبوع، أو راجعنا فيما بعد -بعدين- أو المعاملة تأخذ وقتا، وإذا ما تمت محاولة أو محاورة لإنهائها، فإن الإجابة معتادة، لمَ العجلة؟ فما على الدنيا إلا الصبر!
صحيح إنه في بعض الإدارات لا بد من صبر، وكثرة تردد واتصال، ومشوار يعقبه مشوار، وطريق يخلفه طريق، وخروج من زحام إلى زحام؛ لأجل إنهاء معاملة تتطلب ذلك، إلا أن بعض المعاملات الأخرى لا تتطلب ذلك، وإنما تكاسلَ عن إنجازها موظف مهمل لم يستشعر المسؤولية التي تحمَّلها.
ومن أهم أسباب تأخير إنجاز العمل العشوائية، والاتكالية، والإهمال، وعدم المبالاة، وعدم تنظيم العمل، وعدم وضع لوائح تضبطه، وعدم توزيعه توزيعا مناسبا بين الموظفين، وعدم تسمية من يقوم بالعمل خلال إجازة أو مرض أو تأخر أو استئذان القائم به.
وليس الكلام عن أسباب تأخر إنجاز المعاملات، بل ما السبيل إلى حل هذه المشكلة المؤرقة، خصوصا في المدن الكبرى؟
إن تنظيم العمل وتوزيعه بين الموظفين من جانب المدير، مع إشرافه على الجميع وحسن توجيهه، وطيب تعامله معهم، وحسن مشورته، وإخلاصه في عمله، أمران مهمان جدا في سرعة إنجاز المعاملات، ودقته، ومن مزايا تنظيم العمل: سرعة الوصول للمعلومة المطلوبة دون ربطها بموظف معين. وقوة الترابط ما بين الموظف والمراجع، حيال المعاملة المطلوبة، ما يؤدي إلى سرعة إنجازها. إضافة إلى سلاسة خطوات العمل ووضوحها لدى الموظف والمراجع، فلا يحتكر إنجاز المعاملة؛ لأجل غياب موظف أو تأخره أو استئذانه. ومعلوم أن إنجاز الإدارة المنظَّمة أكثر بمراحل وأكثر دِقَّة من إنجاز الإدارة العشوائية أو المركزية. وبهذا يحصل الرضا لدى الموظف والمراجع، فلا يرَى التضجر على أحد منهما لأجل العمل. من خلال هذا التنظيم يتبين الموظف المخلص في عمله فيكافأ، والموظف المفرِّط فيعالج وضعه ويحاسب على إهماله؛ لئلا يصبح عثرة في طريق المراجع. العدل بين الموظفين أمر مطلوب، فلا يُظلم موظف على حساب آخر، بل يكون العمل موزعا بإنصاف، ما يحد من اللجوء إلى المعارف؛ طلبا للشفاعات والواسطات.
إضاءة: الإدارة المنظمة إدارة تستشعر المسؤولية والأمانة الملقاة عليها، وهي من إتقان العمل، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، والإدارة المنظمة هي الإدارة الناجحة التي نتمنى أن تحل محل الإدارة العشوائية والإدارة المركزية.