هيفاء عوض باعيسى

مثلي مثل الكثيرين بين ذهول وفاجعة، وبين تساؤلات وحيرة، فكل ما يدور يثير الدهشة، ربما نود التسلل إلى تلك العقول الإجرامية الانتحارية التي تبيح سفك الدماء والتي نصبت أنفسها حاكما وجلادا، نتسلل إلى عقولهم لمعرفة بدايات تبنيهم لفكرة وإن قيل إن الفكرة عقدية المهد، تربوية المنشأ، وإن لبرامج التواصل الاجتماعي اليد العليا في احتضانها وفي بث سمومها، وإن قيل إن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والسياسية هي التلة التي صعد عليها هؤلاء الثلة للمناداة بهذه الفكرة، كيف أقنعتهم؟ كيف سيستهم؟ كيف قادتهم إلى القتل بدم بارد، كيف شحذتهم لمعاداة أقرب الناس إليهم ومن ثم قتلهم... هم مغيبون، مشوشون أم منقادون؟
يقولون إنهم لنصرة الدين، ونقرأ القرآن فنجده يدعو إلى مجادلة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام  للكفار بالتي هي أحسن، وهو عليه السلام أتى بالهداية والنور المبين، نقرأ القرآن فنجد إسلامنا دين تعايش وسلام وصفح وعفو ورحمة، نقرأ السنة النبوية وسير الرسل والأنبياء نجد من كان أبوه كافرا فدعاه باللين، ومن ابنه عصاه وخالفه فأشفق عليه وأعرض عنه.
هؤلاء الأنبياء معهم الحجة الداحضة والبرهان القاطع، معهم معجزات تفوق العقل البشري وتؤكد وجود الخالق سبحانه وتعالى، ومع ذلك لم يرهبوا ولم يسفكوا الدماء ولم يبيحوا الأنفس التي حرم الله ..
فعلى من عنده رغبة في التخريب والقتل والترهيب ألا يقحم الدين ولا يجعله ستارا يختبئ خلفه، فليجد له غطاء آخر بعيدا عن سماحة الدين الإسلامي.
وددت أن يكون عذرهم  السحر أو الاستعانة بالجن في تغييب العقول وتبرير القتل، فهي أكثر تصديقاً من أن يقولون إنهم قتلوا كي ينصروا الدين، ويعلوا كلمة التوحيد، ويطبقوا شريعة الإسلام، أيّ دين يبيح القتل والغدر والتكفير؟ أيّ دين ينتمي إليه دعاة التخريب والفوضى والهدم.. فليجدوا لرغبتهم الوحشية سببا غير نصرة الدين وليجدوا لهم قدوة غير رسولنا الكريم، فما هذه أهداف ديننا الحنيف ولا هذا خلق  نبينا العظيم.
هم يمررون رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعية لاجتذاب صغار السن تحت شعار نصرة الأمة، أمة لم تعرف الهلع والقتل بدم بارد إلا عن طريقهم، إن كان أصاب الأمة وهن فليوقنوا أنهم سببه، وإن انتشرت الفتن فهم من أشعل فتيلها، هم أدوات استغلت لتشوه كل جميل وتهدم كل صرح متين، هم طاقات وُظفت لتسهم في نشر الفوضى ودس الحقد في النفوس، دعواهم مغرضة ومساعيهم فاشلة، فما بني على باطل فهو باطل.