حاجة اقتصادنا إلى بدائل ومصادر أخرى غير النفط وإلى تنوع حقيقي في مصادر الدخل لن يحدث أبدا بين يوم وليلة، بل يحتاج إلى خطط واقعية وحقيقية تستلهم ما يحدث من نجاحات صناعية حول العالم الآن، وأكرر القول (صناعية) لأن الدول لا تنجح بالتجارة وحدها أبدا، بل بالصناعة، والصناعة فقط.
هنا أفكر بصوت وطني محب ببعض الحلول التي قد يراها البعض متطرفة، ولكنها تعيد تدوير تجارب العالم الصناعي الذي بدأ بتوطين العقول المهاجرة ليعيد استثمار أدمغتهم. المسلمون في العالم مثلهم مثل الآخرين، لديهم أدمغة تبحث وتفكر وتنتج ما يحقق هزات اقتصادية إيجابية، مثل البروفيسور منير نايفة أحد مؤسسي علم النانو الذي سيدخل خلال السنين المقبلة في كل الصناعات الخفيفة والثقيلة.
الفكرة هنا، هي إغراء علماء المسلمين في كل بقعة جغرافية في العالم لاستقطابهم وإجراء أبحاثهم لدينا، وأقصد بإغرائهم تقديم كل المغريات الاجتماعية ليعيشوا بيننا مستثمرين حبهم لبلاد الحرمين، وهذا بالطبع ليس كافيا دون الإغراءات المادية أيضا. القيمة المضافة التي ستمنحها لنا هذه العقول هي القيمة ذاتها التي بنت أميركا وأوروبا وتبني العالم الجديد الآن. هي قيمة مهمة جدا ولها قدرة عظيمة على تنمية بلادنا. الخطط الواسعة لتنويع مصادر الدخل تحتاج أن تنظر إلى موضوع الأبحاث والدراسات والاختراعات على أنها الأساس، ثم سواعد البناة الحقيقيين من أبنائنا طبعا.
لا بد أن نحدد نوعية الأبحاث التي يجب علينا الاستثمار في عقولها البشرية قبل جذبها إلينا، وعلينا أيضا أن نحدد فريق عمل حيويا ومتفرغا تماما لهذه المهمة ولهذا القرار، وأن نفصح عن الأبحاث التي ستختارها بلادنا لتتميز بها أمام العالم أجمع، هذا بالطبع كمرحلة أولى، وبعد ذلك فإن الأبحاث والصناعات الناتجة عنها ستتكاثر في كل المجالات. ما حدث الآن في أسعار النفط، وظهور منافس جديد (النفط الصخري) في الولايات المتحدة كان أساسه الأبحاث والدراسات، حيث استطاعت الشركات هناك من خلال الأبحاث أن تجعل كلفة استخراج النفط الصخري متدنية إلى حد يجعله مغريا للتنقيب. ولنكن واقعيين، فإنه بلا أبحاث لن يتنوع اقتصادنا.