أقترح على وزير التعليم الدكتور عزام أن يشرع فورا في التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية لتعيين خريجي وخريجات كليات الإدارة مديرين ومديرات للمدارس، بعد تأهيلهم بدورات متخصصة في الإدارة المدرسية
مع بداية مباشرة المعلمين والمعلمات لمدارسهم هذا الأسبوع استعدادا لبداية العام الدراسي الجديد واستقبال الطلاب والطالبات، سنجد أن هناك أكثر من 54 ألف معلم ومعلمة يباشرون عملهم مكلفين بمهام إدارية في غير تخصصاتهم الفعلية؛ ما يعد هدرا كبيرا للكادر التعليمي.
اعتادت وزارة التعليم منذ بداية تأسيسها على تكليف المعلمين والمعلمات بإدارة المدارس بعد تفريغهم من القيام بالعمل في تدريس الطلاب؛ وفقا لتخصصاتهم العلمية فتجد معلمي التخصصات المختلفة مثل: الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء، واللغة العربية، والتربية الإسلامية، تجدهم مديري مدارس.
قد يكون العجز قديما في الكوادر الإدارية الوطنية المؤهلة هو أحد مسببات تكليف المعلم بمهام إدارية وشغله عن مهمته الرئيسة، ولكن في الوقت الحاضر لم يعد هناك عجز في الكادر الإداري في المملكة، ولم تعد هناك أسباب منطقية لتكليف المعلمين والمعلمات بالمهام الإدارية، بينما لدينا عدد كبير من الإداريين والإداريات المتخصصين والمتخرجين من كليات الإدارة.
لدينا في المملكة على حسب إحصاءات وزارة التعليم 26934 مدرسة، ولو حسبنا على أقل تقدير أنه تم تكليف مدير ووكيل واحد فقط لكل مدرسة -مع أنه في العديد من المدارس يتم تكليف أكثر من وكيل مساعد للمدير- فإن عدد المكلفين بالإدارة أكثر من 53,868 معلم ومعلمة تم تأهيلهم سابقا لتعليم الأجيال في كافة التخصصات العلمية والأدبية والتربوية، ولكن تم تحويل مسارهم إلى طريق آخر بعيدا عن طبيعة العمل الذي عينوا في الكادر التعليمي على أساسه.
وزارة الصحة تنبهت إلى هذا الخلل في هرمها الوظيفي، فأصدرت قرارا يمنع تكليف الفنيين بمهام إدارية، تبعته بخطابات شديدة اللهجة لكافة مديري الشؤون الصحية والمستشفيات والمدن الطبية بمختلف المناطق والمحافظات، بعدم تكليف المشمولين بلائحة الوظائف الصحية من أطباء وفنيين وممارسين صحيين بأي أعمال إدارية مهما كانت المبررات والأسباب، بعد أن تبين لها أن عدم التزام بعض القطاعات بتنفيذ اللوائح والأنظمة الخاصة بمنع تكليف الفنيين بوزارة الصحة بأعمال إدارية تسبب في هدر نحو 6 مليارات ريال من ميزانية الوزارة سنويا، ما بين بدلات وعلاوات وأصناف مالية تصرف لغير المستحقين من الكوادر الفنية والإدارية، بل إن مخالفة هذا القرار في وزارة الصحة وتعمّد تعيين طبيب أو فني صحي بمهام إدارية يعد فسادا وهدرا ماليا يتم التحقيق فيه ومحاسبة ومعاقبة المتسبب فيه، بينما نجد وزارة التعليم تشغل كافة وظائفها الإدارية بمعلمين متخصصين، دون أن تعتبر ذلك هدرا لطاقتها التعليمية التي تستطيع توفيرها حين تحذو حذو وزار الصحة بمنع تكليف المعلمين بمهام إدارية؛ تفريغا لهم لمهمتهم السامية في التربية والتعليم، وتعيين خريجي كليات الإدارة المتخصصين في الإدارة العامة وإدارة الأعمال بمهام إدارة المدارس.
لذلك أقترح على وزير التعليم الدكتور عزام أن يشرع فورا في التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية لتعيين خريجي وخريجات كليات الإدارة مديرين للمدارس، وكإداريين مساعدين بعد تأهيلهم بدورات متخصصة في الإدارة المدرسية والتربوية، ومنع تكليف أي معلم بعمل إداري وذلك حفاظا على طاقتنا التعليمية والحد من الهدر المالي والوظيفي والاستفادة -بطاقة قصوى- من كوادرنا التعليمية التي كلفت الدولة الكثير من المال والجهد من أجل تأهيلهم ودمجهم بالعملية التعليمية والتربوية؛ أملا في تطوير مستوى التعليم ورفع جودته ومخرجاته، وليس من أجل تفريغهم لأعمال إدارية يستطيع أن يقوم بها خريجو كليات الإدارة بكل سهولة، بل إنهم يبدعون بالعمل فيها؛ لأنها من صميم تخصصهم الدراسي، ولديهم أساليب ونظريات إدارية تمنح الإدارة المدرسية بعداً أجمل وأوسع مما نراه الآن.