كثيرون صاروا يبحثون عن الشهرة على حساب المباديء إلى درجة تعمد الكذب وترويج الشائعات، ولا سيما عبر تويتر الذي تصدر ساحة الاستقطاب من مختلف الطبقات. وفي هذا المقام كثر الأبطال المزيفون على عدة أصعدة، لكنني سأقصر الحديث عن الرياضة والتعلق بها وسهولة الوصول من خلالها.
هناك من يتعمد الكذب على النجوم والمشاهير والمسؤولين طمعا في أرقام متابعين بأسرع وأسهل طريقة، ولا يتورعون في بث معلومات كاذبة دون اعتناء بما قد تسببه أخبارهم الوهمية ومؤامراتهم من مشاكل لا حصر لها، وبعضهم من فئة عمرية غير مدركة وآخرون يربطون أي قضية أو مشكلة أو نتيجة بالميول حتى لو وصل بهم الحال للقسم بالله العظيم، وهذا أمر خطير جدا دون إدراك العقوبة الإلهية، وأن الكذب هو رأس الخطايا وبدايتها، وهو من أقصر الطرق إلى النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإيّاكم والكذِبَ، فإنّ الكَذِبَ يَهْدِي إلَى الفُجُورِ، وإِنّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النّارِ وَمَا يزَالُ العبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرّى الكَذِبَ حَتّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذّابا. [رواه البخاري ومسلم].
ومن مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، المصادقة على شائعات من لدن معرفات مجهولة وبأسماء مستعارة - تجيد التمرير والتذاكي - دون التثبت قبل النقل، ولكن الأسوأ من لدن أسماء معروفة بعضهم كُتاب لهم حضور وقيمة اجتماعية من خلال انتقاداتهم القوية في مجالاتهم، ولمزيد من الشهرة ينصهرون في بوتقة الرياضة وصخبها، ويكشفون عن تعصبهم المقيت المتستر خلف سمعتهم في مجالات أخرى. ويكون سقوطهم مدويا بابتذال المعلومات الخاطئة عن زملاء مهنة أو مناوشة النادي المنافس والاندماج في تيار الجماهير المتعصبة والمتحمسة، إما بتعمد أو انغماسا في الشهرة الزائفة، يؤكد ذلك ابتهاجهم بردود الفعل التي تهلل لكل ما هو خارج النص سقوطا في فخ الحرية التي تكون تحررا من المصداقية والمباديء واحترام المنافس..!
فريق آخر يسير على نفس الخطى ربما مع سبق الإصرار والترصد، وذلك من خلال مهاجمة الأطراف الأخرى والمسؤولين والدخول في الذمم بعبارات جارحة وتهكمية دون تحليل واقعي ولا تفنيد معلومات ولا رصد أرقام، وهذا صار مطلب كثيرين ممن يعتقدون أن هذا جرأة وحرية رأي ومحاصرة لهذا وذاك.
والمؤسف في إعلامنا الرياضي أن من سيرتهم الصحافية أ.ب تحولوا إلى كُتاب ينتقدون كل شيء ويهاجمون في كل الاتجاهات بما يوغل في التعصب والتنافر تنافسيا، وفي المقابل يتفننون في ديباجة بلاغية لهذا وذاك من المنتسبين لناديه، بتأثير ميول تخلو من سبل الإصلاح. ومن ثم يصبح ذا حظوة في بعض القنوات والبرامج التلفزيونية والإذاعية التي تزيد من بهرجته ورفع صوته وطول لسانه. والحال ينطبق على بعض منسوبي الأندية ممن تحولوا إلى إعلاميين غير منتمين للمهنة، بينهم من يتحدث بواقع خبرة إدارية، وآخرون أوهموا أنفسهم بأنهم نقاد بمصادقة بعض قياديي وسائل الإعلام.
وهنا نحول الدفة إلى إصلاح الوضع وإيجاد الحلول، بالمراقبة من الجهات المعنية وتفعيل معايير التصنيف المهني واهتمام المؤسسات الإعلامية بمن ينتمي إليها أو من يجد أريحية في عمودها أو يتبوأ كرسيها البراق أو يعلق مايكها الرنان. والأكيد أن هناك شبابا مبدعين ويستحقون الدعم والرعاية، على النقيض من بعض كبار السن مصابون بمراهقة متأخرة أو مستديمة ليس لهم علاج سوى الكي.
كلي أمل أن سوبر لندن مساء أمس كان ماتعا بجمال النصر بطل الدوري والهلال بطل كأس الملك، وبما يحفزنا على تناول إيجابيات جديدة في مقال بعد غد السبت.