نعم هناك أصابع خارجية في تفجير قوة الطوارئ في عسير، ولكن قبل ذلك لا بد أن نعترف بأن بلادنا عرفت هذه الأعمال الإجرامية بأيد سعودية قبل أن تولد داعش، وأن المبرر كان ولا يزال هو التقرب إلى الله بقتال الكافر وقتال المرتد، هذا هو مبررهم لقتل المصلين في المساجد.
فكرة قتال الكافر وفكرة قتل المرتد لم يبتكرها هؤلاء الشباب ولا ابتكرتها داعش ولا الإخوانية، ولا السلفية المعاصرة، هي أفكار موجودة في تراثنا الحديثي والفقهي منذ أكثر من 1000 سنة.
لنتخيل أن قتال الكافر لأنه كافر وقتل المرتد لأنه مرتد، ليست موجودة في تراثنا فما الذي يمكن لهؤلاء الشباب ولداعش أن يتخذوه سببا لقتل الناس كافرهم ومسلمهم؟
لا يحتاج أي فتى لديه رغبة في قتل الناس إلا لمن يفتي له بكفرهم أو ارتدادهم، وما أسهل ذلك فقد صار لكل مجموعة شباب مفتيهم الخاص.
في التراث آراء أخرى عن مسوغات قتال الكفار تصل إلى تحريم القتال إلا ردعا للمعتدي، ولهم آراء أخرى في حكم المرتد تصل إلى عدم جواز قتله إلا إذا هو حارب المسلمين، هل يصعب على فقهاء المسلمين الأخذ برأي القرآن الكريم أو الأخذ، على الأقل، بآراء الفقهاء الأقرب إلى القرآن وإلى مصالح الناس وإلى ضرورات الواقع؟
وصفنا لهؤلاء الشباب بالدواعش إنما هو إزاحة لهم في الجغرافيا إلى بلاد العراق والشام، بعيدا عنا، ووصفنا لهم بالخوارج إنما هو إزاحة لهم في التاريخ بعيدا عنا إلى 1400 سنة، فإن لم نجد حيلة قلنا عنهم ضالّين أي نيتهم حسنة ويمكن هدايتهم، أو نقول مغرر بهم، وهذا يعني أنهم ليسوا مؤهلين لتحمل مسؤولية أفعالهم. ونحن بكل هذا نخادع أنفسنا فقط.
هم واضحون، فنحن في نظرهم إما كفار أو مرتدون، وينفذون فينا حكم الكافر والمرتد الذي استقوه من تراثنا.
إما أن نطلق عليهم كفارا ومرتدين ونقتلهم لمجرد أنهم يحملون هذا الفكر كما يفعلون معنا، وإما أن يعيد فقهاؤنا النظر في حكم المرتد والكافر ولهم في تراثنا ما يدعمهم بقوة.. فهل سيرحمون البلاد والعباد؟