التبرير يفسد الاعتذار، هذه حقيقة، لذلك يُربط الاعتذار بالشجاعة.. الجبان لا يعتذر.. وإن اعتذر جنح إلى تبرير الخطأ.. أو تحميلك بعضا منه!
الاعتذار عملية ليست بالسهلة.. بحاجة لثقة كبيرة بالنفس.. بحاجة لقوة داخلية تدفع الإنسان للاعتراف بالخطأ والمبادرة للاعتذار عنه.. وحدهم الكبار من يؤمنون بقيمة الاعتذار ويمتلكون القدرة عليه.
درّب نفسك على الاعتذار.. تفقّد حصيلتك من المفردات.. احرص على أن تحتوي عددا من عبارات الاعتذار.. ولا تظن نفسك منزها عن الخطأ.. وإن أردت الاعتذار يوما، فلتعترف بالخطأ أولا، ولتعتذر دون مواربة ثانيا.. ولتبادر قبل فوات الأوان، فالحياة أقصر مما تتخّيل.
أتحدث اليوم عن الاعتذار؛ لأن معاناة الكاتب اليومي المختص بقضايا المجتمع كبيرة.. من ذلك وقوعه في الخطأ أحيانا دون أن يشعر.. ودون أن يتعمد.. كاتب اجتماعي يركض يوميا لا بد أن يتعثر؛ إما بدافع الحماسة، أو الانفعال، أو عدم توفر المعلومة، أو غير ذلك..
في بعض الأوقات يحتاج الإنسان لمن يقول له أخطأت ويأخذ بيده نحو الاعتذار.. النفس أمّارة بالسوء، قد تجعل أمامه حاجزا خرسانيا يعزله عن رؤية الخطأ!
قبل سنوات طويلة كتبت مقالا انتقدت فيه لاعب المنتخب السعودي السابق عبدالرحمن الرومي.. فيما اعتبرته ظهورا غير موفق له في أحد البرامج الرياضية.. بعد المقال بسنتين -أو أكثر- وصلت لهاتفي رسالة مؤلمة جدا من نفس اللاعب؛ لاعتباره ما ورد في المقال إساءة شخصية له، تضرر منها.. احتفظت بالرسالة التي تضمنت تعديا صارخا في الدعاء، ولجوءا صريحا إلى الله عز وجل، الرجل رفع ملف القضية إلى محكمة السماء، وهو ما أرقني -والله يشهد- حتى هذه اللحظة.
حاولت أن أنسى فلم أستطع.. صارعت نفسي طويلا، انتصرت عليها بفضل الله، وهذا أنا أمامكم اليوم بكل شجاعة، أقدم اعتذاري الشديد للاعب عبدالرحمن الرومي. لقد أخطأت بحقك، وألتمس منك قبول عذري. معاذ الله أن أتعمد ظلم أحد، أو أن أتقصد الإساءة لأحد، أو أقلل من قيمة أحد.
الخلاصة: حاولوا أن تواجهوا أنفسكم.. إن تيقنتم أنكم أخطأتم بحق أحد فاعترفوا بخطئكم، وبادروا للاعتذار.. الحياة أقصر مما تتخيلون.. ولا تستحق كل هذه المشاحنة.