تتضاعف أهمية اللقاء الذي يجمع بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض اليوم، لأنه يأتي في وقت تتشابك فيه الملفات الاقتصادية والسياسية، ووفقا للخبير في قضايا الجيوسياسية – الاقتصادية والنفط عيسي جوتشيل، فإن العالم يشهد وضعاً جديداً بسبب تغيرات جذرية في أسواق النفط، مع زيادة المعروض عن احتياجات السوق واستيعاب المستهلكين، خاصة مع تحول الولايات المتحدة من أكبر مستهلك للنفط إلى أحد أكبر المنتجين والمصدرين للطاقة، بفضل استخراج وتصنيع النفط والغاز الصخريين.
عولمة الأسواق
كما أن تداخل العوامل الجيو - استراتيجية والإقليمية وتحولات العولمة وتقاطعها مع حركة الاقتصاد العالمي، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، أوجد ما يعرف بـعولمة الطاقة كما يقول جوتشيل، بمعنى أنه إذا كان يمكن الحديث قبل خمس أو عشر سنوات عن أسعار إقليمية حيث وجدت فروق في أسعار النفط بين الأسواق، فاليوم صارت عولمة الأسعار، ولم يعد هناك مفهوم إقليمي لأسعار الطاقة، بل صار مفهوما عالميا في سوق عالمية أيضا.
أيضا فإن العالم اليوم أمام خيارين: إما استيعاب المنتجين الجدد من قبل المنتجين القدامى، وإما التوزيع بأرقام جديدة وحصص جديدة بين الجميع، وهو ما يتطلب التفاهم على صيغة جديدة اليوم بين المملكة والولايات المتحدة. وإذا أردت أن تضع عنوانا للعبة الطاقة التي تجري بين كبار منتجي النفط في العالم اليوم فسيكون هو: الحفاظ على حصتي في السوق في جميع الأحوال، من خلال تقديم نفس التخفيضات في الأسعار ولو أضر ذلك باقتصادات البلدان الأخرى.
مواجهة التشدد
كثير من المشكلات المتفجرة في الشرق الأوسط، العراق وسورية، واحتلال داعش لحقول النفط، وحتى أزمة أوكرانيا تفسر بطريق مباشر أو غير مباشر على خلفية لخبطة أوراق اللعب في مسألة الطاقة، وبلغة الاقتصاد فقد تحول التنافس في مجال الطاقة إلى مواجهة، تنذر بعواقب وخيمة وتهدد الاستقرار العالمي.
وبحسبة بسيطة – كما يشير جوتشيل – فإن أكثر من مليون برميل يوميا تنقص السوق بسبب داعش الذي يمتلك كل مقومات الدولة بالفعل، من جيش وعتاد واقتصاد وحقول للنفط والغاز.
اليوم يوجد نقص في السوق العالمي بسبب داعش والحروب الأهلية في المنطقة: النفط السوري 350 ألف برميل يوميا. أما العراق فقد كانت كردستان العراق في العام الماضي تصدر 200 ألف برميل يوميا وقد توقفت اليوم، أي أن هناك أكثر من نصف برميل بترول ناقص في السوق العالمية، أضف إلى ذلك توقف 300 ألف برميل أخرى من العراق، ومن ثم يصل الرقم إلى 800 ألف برميل يوميا ناقص من السوق العالمية.
قيادة السعودية
ما يعني أن ترتيب الأوضاع وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، العراق وسورية، وشمال أفريقيا، ليبيا، وحل أزمة أوكرانيا، هي قضايا متشابكة تتقاطع مع عولمة الطاقة واللاعبين الجدد في مجال النفط والغاز، وسعيهم بكل السبل إلى الحصول على حصص من مستهلكي الطاقة في العالم، وعلى سبيل المثال فإن الخلاف بين روسيا وأميركا على أوروبا هو خلاف اقتصادي في ثوب سياسي، كسوق تحتكرها روسيا، وسوق جديدة لمطامع أميركا، وليس خلافا أيديولوجيا كما كان الأمر في السابق. نحن أمام ثورة تكنولوجية جديدة في العالم في مجال الطاقة، وحجم جديد زائد عن طلب العالم، ولا بد من إعادة توزيع الأسواق الاستهلاكية بين الكبار، المملكة والولايات المتحدة. فالأولى هي الدولة الوحيدة المؤهلة للعب دور القيادة في المنطقة عربيا وإسلاميا وإقليميا.