جدة: ياسر باعامر

كانت لهم صولاتهم وجولاتهم، وربما لم تكن بيوت جدة العتيقة لتستغني عن خدماتهم أبداً، حينما كانت ربات البيوت حتى عهد ليس بالبعيد تفد إليهم بمختلف أنواع الأدوات الحادة بغرض سنها وتجويدها للعمل المنزلي الخاص.
ولم تكن ربات البيوت وحدهن من يفد إليهم، بل إن صوالين الحلاقة يأتون من وقت لآخر لسن أدواتهم من مقصات وغيرها من الأدوات الأخرى، حتى تقوم هي الأخرى بواجبها الوظيفي وترضي زبائنهم.
إنهم السنانون أو الحدادون التقليديون، الذين ما زالوا رغم تطور آلات الحدادة التكنولوجية الحديثة، يفرضون واقع مهنتهم، ورغم انحسارهم في محيط المنطقة المركزية بالبلد، أو ما تعرف محلياً بـالمنطقة التاريخية في جدة، إلا أنهم يقاومون ببسالة ونضال من أجل بقاء مهنتهم التي تتربع على إرث تاريخي كبير في تاريخ العروس قديماً.
في محيط شارع غزة الشهير الذي يعد بوابة العبور لتاريخية العروس، تكمن محلات ربما لا تتجاوز في عددها ثلاثة أصابع بالتمام، تمارس هذه المهنة بأدواتها التقليدية العتيقة، حتى إن العروس ودعت قبل فترة ليست بالبعيدة أحد رواد هذه المهنة، والذي قضى في عالمها قرابة نصف قرن من الزمان، ليستلم الزمام بعدها وريثه الشرعي في مهنة العائلة.
هذه المحال رغم ندرتها، إلا أنها ما زالت تحتفظ بذاكرة في وجدان وعقول الجداويين، حيث استطاعت أن تقتطع من حصتها السوقية الزمانية في شهري رمضان وذي الحجة، حيث يتهافت عليهم كثير من الناس والمطابخ الخاصة بغرض سن أدواتهم الحادة، لثقتهم الكبيرة في إنتاجها وجودة الحدادة اليدوية التي يقومون بها.