مئات بل آلاف المقالات كتبت وتكتب حول العالم عن سعود الفيصل، فماذا عساني أن أكتب عنه أكثر؟ وماذا يمكن أن تكتب عن رجل خاص واستثنائي، رأى جميعنا كيف تألمت أرواحنا لرحيله؟ كيف كانت حالة الحزن، وما أكتبه اليوم هو عن حالة الوحشة التي شعر بها السعوديون تحديدا، هذه الوحشة الممزوجة بالخوف، والتي تعكس ثقتهم وتعودهم على هذا الرجل في نقل رسالتنا كلنا كسعوديين وليس فقط صوت الدولة سعود الفيصل في تعليمه وعلمه ومواعيده وخطاباته وهندامه كان صوتنا وصورتنا كسعوديين أمام العالم، أريد أن أتحدث كيف شعرنا بفقده، لا يمكن للإنسان أن يحاول فلسفة أو تنظير أو تبرير مدى كون سعود الفيصل، كان نحن جميعا، كان جزءا في كل واحد منا. كان، رحمه الله، يد الوطن اليمنى، وجزءا من تكويننا كسعوديين، ولدنا ونحن نعلم أن عاصمتنا الرياض، ووزير خارجيتنا الفيصل.
خلال الوعي الذي تكون، لم يستوعب السعوديون خسارتهم الفادحة بوفاة عميد الديبلوماسية في العالم، عن عمر يناهز 75 عاما، ولم يعوضهم سوى الخاتمة الحسنة عند وفاته في الليالي العشر من رمضان الكريم.
من الخسارات الكبرى أنه، رحمه الله، لم يسمح له وقته بأن يكتب كتابا يوثق فيه جولات الديبلوماسية السعودية، وأنا هنا أعتقد أن السفير أسامة نقلي لن يتخلى عن أمر كهذا، وهو الإعلامي والحكيم الذي رافقه سنوات طويلة، وهو أمر مطلوب بجدية كبيرة أن تتولى الخارجية مشروعا عن عميد ديبلوماسي العالم، لتوثيق مرحلة التكوين السعودي والنشأة الخارجية منذ أن استلم الأمير الوسيم بشعره الأفحم، وحتى خط الشيب رأسه رحمه الله.
من أجمل الأشياء التي ينقلها عنه مرافقوه في جولاته الخارجية أن الفيصل الإنسان كان شديد الملاحظة والحساسية لأي موقف يمكن أن يفسر بأن فيه تعاليا على الآخرين أو خدشا لكرامتهم أو مساسا بإنسانيتهم.
رحم الله سعود الفيصل، وأبدله حياه خيرا من حياتنا، وراحة بعد طول عناء. اللهم آمين.. اللهم آمين.