في زمن الأزمات، هل يفترض بالأدب أن ينزوي متأملاً، مترقباً، منتظراً للنتائج وما ستسفر عنه هذه الأزمات، أم أن عليه أن يكون مشاركاً مندفعاً في خضم الحدث، معلناً عن موقفه وعن كلمته؟
سؤال مؤرق لا يتفق كثيرون على إجابة واحدة له، لكنه يبدو ملحاً للغاية في هذه الأوقات العصيبة التي تجتاح فيها الأزمات معظم الدول العربية، إن لم يكن كلها.
يرى كثيرون أن الأدب بحاجة للتروي، وعدم الاستعجال، والتأمل الطويل ليتخذ موقفاً، ويطلق الأحكام، خصوصاً في وسط الجنون الذي يقلب الأوضاع هنا أو هناك بين ليلة وضحاها، حتى لم يعد مفهوماً ما يجري على الأرض في كثير من البلاد العربية، حتى لأحسن القارئين للأوضاع خبرة وحنكة.
ويرى أنصار هذا الرأي أن استعجال الأدب في صياغة نتاجه واتخاذه موقفاً ما، وخصوصاً أن الروائي مثلا لا يمكن أن يكتب رواية بلا موقف، قد يكون لموقفه آثار سلبية على حسن قراءته وبالتالي نتاجه، ما قد يوقعه في مطب العجلة التي لا ينفع معها الندم لاحقاً، لا سيما إذا ما كشفت النهايات أن أحكامه لم تكن في محلها.
ويرى آخرون أن الأدب الذي يقف على الحياد في وقت الأزمات ولا يعلن موقفه، ولا ينتج، ولا يشارك، ولا يوجه، ولا يسلط الضوء على ما يجري، يبقى في النهاية على الهامش، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى الأدب على أنه فعل مؤثر، يخلّف آثاراً هامة، كموثق، وصاحب وجهة نظر.
ويستند أنصار التيار الأخير إلى أن أهمية الأدب تنبع من اهتمام القارئ به، ومن ملامسته لما يهم هذا القارئ، ولذا فإن أعمالاً وكتباً مثل تلك التي تتحدث عن داعش وجدت إقبالاً كبيراً جدا من القراء في معرض الرياض الأخير للكتاب، كما ارتقت رواية الطلياني لشكري المبخوت وهي التي تتحدث عن حاجات اجتماعية ونفسية ووطنية تلامس حياة الناس حاليا في تونس، لتفوز بالبوكر العربي 2015، بعد فوزها بجائزة معرض تونس الدولي للكتاب وجائزة كومار، ووجدت إقبالاً غير مسبوق من القراء في تونس التي تتمسك بالعملاقين محمود المسعدي وأبي القاسم الشابي كرمزين لم يستطع أي مبدع تونسي آخر أن يزاحمهما في قلوب التوانسة باستثناء المبخوت الذي لامس هموم مواطنيه في روايته الأولى.
ما بين الرأيين ثمة مسافة، حسمها لصالح أحدهما يبدو صعباً، والجدل بشأنهما سيبقى مفتوحاً على أكثر من نهاية.