علي عوضة الشمراني

الأمور التي نسمعها ونشاهدها غريبة عجيبة، تجعل الحليم حيران بحق.
وقفت أمام خبر اكتشاف الخلايا الإرهابية وكشفت مخابئهم، وكنت في حيرة من أمري بين مصدق ومكذب، فرح وحزين؛ فرحت لروعة الإنجاز من رجال أمننا البواسل الذين وفقهم الله لكشف خفافيش الليل وجحورها في سابقة شهد لها العالم بأسره، وأيقن بعلو كعب المملكة في إفشال مخططات الفئة الضالة.
وحق لي ولغيري ممن يحب هذا البلد بلد الحرمين الشريفين، ومهوى أفئدة المسلمين -في كل مكان- أن نفرح ونشكر الله الذي أمكن منهم، وأبطل مخططاتهم الخبيثة التي تهدف إلى الدمار والخراب وزعزعة الأمن.
ومن جانب آخر ينتابني ألم شديد أن وجد بيننا مثل هذا الفكر المنحرف الذي خرج بصاحبه عن الجادة ودفعه إلى ضلال ممقوت شوه صورته، بل واعتدى من أجله زاعما نصرة للدين، والدين منه براء، فحاشا ديننا القويم ومجتمعنا الطاهر أن يدعو لمثل هذه الأفكار، وهذه التوجهات المنحرفة والخطيرة. المصيبة عظيمة، والجريمة شنعاء؛ لما فيها من زعزعة للأمن، وتشويه لسمعة الأمة وإهدار لطاقاتها.
بأي ميزان يقيسون الأمور؟ وبأي شيء يحكمون عقولهم؟! إن كان ميزانهم القتل والدمار، فما فائدة الإسلام الذي يدعون –حسب زعمهم- نصرته؟ إن ادعاءاتهم ودجلهم وانحرافهم في تباب وخسران.
ثم ماذا فعلوا بالكتاب والسنة؟ وهل حكموهما في أفعالهم حين دفعوا المخدوعين إلى هذه الأعمال؟ ولماذا لا يظهرون إن هم آمنوا بصدق قولهم؟! هل رفع سفهاؤكم هؤلاء راية لا إله إلا الله حيث يختبئون؟ أم أنهم أجبن من أن يؤدوا عباداتهم في ذلك المنفى؟
استيقظوا من سباتكم وغفلتكم وضلالكم، فقد أصبحتم دمى وأدوات يحركونكم كيف ومتى ما أرادوا.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما أسباب ظهور مثل هذه الأفكار؟ وأعلم أن هذا يحتاج إلى دراسة مستفيضة، ومتأنية في حال هؤلاء الفئام الأشرار. ولكني أعتقد أن هناك أسبابا رئيسة لضلالهم البغيض، ومنها:
- عدم أخذ العلم الشرعي من أصوله؛ من علماء فضلاء ومستنيرين يحكمون الكتاب والسنة.
- سوء التربية والمتابعة من الوالدين؛ فهناك الكثير ممن أهمل أبناءه ولم يوجههم الوجهة الصحيحة، ولا يعرف أين يذهبون، ومن يجالسون.
- الفراغ وعدم إشغال أوقات الشباب بالمفيد والصالح.
- عدم إهمال بعض المربين بغرس القيم والمبادئ الإسلامية النبيلة في نفوس النشء.
فالله الله في الحفاظ على أبنائنا من قرناء السوء، فالبعض يغيب ابنه أياما، ولا يسأله أين يذهب؟ ومن رافق؟ ولا يدري أنه ربما كان مع فئة يسلخونه من دينه وعقله؛ فيصبح فردا من أفراد تلك العصابة الضالة وأداة من أدواتهم. ثم لا يستفيق الأب إلا بعد فوات الأوان. فيكون هذا الابن قد صار عارا على أسرته ومجتمعه وأمته.
شباب الدين للإسلام عودوا.... فانتم مجده وبكم يسودُ