جاء في حديث حذيفة الموجود في الجزء الثاني من التجريد الصريح لأحاديث البخاري في الصفحة 56 حديثا رائعا، في وصف أغرب من الخيال عن
جاء في حديث حذيفة الموجود في الجزء الثاني من التجريد الصريح لأحاديث البخاري في الصفحة 56 حديثا رائعا، في وصف أغرب من الخيال عن تعاقب الخير والشر؟ وهو حديث ذهبي في قمة الصحة، وهذا الحديث هو واحد من مئة حديث أحاول جمعها وشرحها وطبعها في كتاب مستقل بعنوان (الأحاديث الحيوية)، سوف أحاول في كل مرة أن آتي بحديث جميل في موضوع لطيف، نبتعد فيه عن اللاهوت وننزل إلى الناسوت في نوع من المطابقة بين الحديث وعلم الاجتماع وعلم النفس والتاريخ وعلم البيولوجيا والصحة والطب. ومن هذه الأحاديث أذكر الكثير مثل حديث عائشة رضي الله عنها عن 11 امرأة اجتمعن وحلفت كل واحدة منهن أن تروي عن زوجها.
ومن هذه الأحاديث تلك المقابلة العجيبة بين أبي سفيان وهرقل حاكم بلاد الشام من البيزنطة، وكيف سأله عشرة أسئلة محنكة يتعرف بها على طبيعة الدين الجديد وشخصية النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهو حديث في غاية الروعة من عشر فقرات تظهر حنكة الرجل وكيف يقيم الوضع الجديد من خلال أسئلة محددة؟
أو في حديث السفينة والمسؤولية وأنه يجب منع من يريد خرق السفينة، فالثقب فيها سينهي الجميع وينطبق هذا على سفينة المجتمع.
وحديث النوم وسلطانه وأنه يجب تسبيح الله وذكره قبل طلوع الشمس وبركة الاستيقاظ المبكر؟ وحديث الفسيلة والأمل الذي هو الإيمان ألا ييأس الإنسان قط، فمن كانت في يده غرسة ونفخ في الصور فعليه أن يغرسها مع كل معرفته بنهاية العالم تعليما لنا أن نعمل صالحا إيجابيا دوما؟ أو حديث سباعي الجنة عن سبعة أصناف يدخلون الجنة، وهم أصناف يجب الوقوف أمامهم كنماذج للقدوة مع التحليل لماذا نالوا هذه المرتبة؟ أو حديث صخرة الخلاص فيمن أغلق عليهم الكهف وكانت الأدعية وفعل الصالح في ثلاثة أشكال سببا في استجابة الصخرة وزحزحتها عنهم وخروجهم بالسلامة.
أو ذلك الحديث التربوي عن أبي موسى الخولاني عن حديث لوموا أنفسكم واتباع استراتجية هامة في الحياة أن نراجع أنفسنا دوما، وهو حديث طويل يحتاج إلى مقالة مستقلة، وكان الخولاني الصحابي إذا روى الحديث جثا على ركبتيه.
أو في حديث يا عمير ما فعل النغير؟ وهو مداعبة طفل كان يلعب بعصفور صغير، ومنه قيل اشتق الشافعي أكثر من سبعين حكما، وبين أيدينا حديث قد يأخذ أيضا من الشرح الاجتماعي وتوليد الأحكام الشيء الكثير.
وفي هذه الأيام ونحن نسمع بحزن فتنا شتى في أكثر من قطر يجعلنا نقف مع هذا الحديث العجيب متأملين مسبحين داعين الله ألا نكون ممن يفتنون؛ فقد جاء في حديث حذيفة أن الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني؟ فقلت يا رسول الله لقد كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم؟ قلت فهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن؟ قلت يا رسول الله وما دخنه؟ قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوها فيها؟ قلت يارسول الله فصفهم لنا؟ قال هم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا! قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم! قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.